ومثله قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِراطِ اللهِ)(١) ، ومن البدل ، أيضا ، قولك : مررت بقوم : عبد الله وزيد وخالد ؛ والرفع جيّد ، أي : هم عبد الله وزيد وخالد؟ قال :
٣٥٥ ـ يا ميّ إن تفقدي قوما ولدتهم |
|
أو تخلسيهم فإن الدهر خلّاس (٢) |
عمرو وعبد مناف والذي عهدت |
|
ببطن عرعر آبي الضيم عباس |
قالوا : (٣) الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فانه بيان ، والبيان فرع المبيّن فيكون المقصود هو الأول ؛
والجواب : أنا لا نسلم أن المقصود بالنسبة في بدل الكل هو الثاني فقط ، ولا في سائر الأبدال ، إلا الغلط ، فإن كون الثاني فيه هو المقصود دون الأول ظاهر ؛
وإنما قلنا ذلك ، لأن الأوّل في الأبدال الثلاثة منسوب إليه في الظاهر ولا بدّ أن يكون في ذكره فائدة لم تحصل لو لم يذكر ؛ كما يذكر في الأبدال الثلاثة (٤) ، صونا لكلام الفصحاء عن اللغو ، ولا سيّما كلامه تعالى وكلام نبيه صلّى الله عليه وسلّم ، فادعاء كونه غير مقصود بالنسبة ، مع كونه منسوبا إليه في الظاهر ، واشتماله على فائدة يصح أن ينسب إليه لأجلها : دعوى خلاف الظاهر ؛ ثم تقول في بدل الكل : إن الفائدة في ذكرهما معا : أحد ثلاثة أشياء بالاستقراء : إمّا كون الأول أشهر والثاني متصفا بصفة ، نحو : بزيد رجل صالح ، أو كون أولهما متصفا بصفة والثاني أشهر ، نحو : بالعالم زيد ، وبرجل صالح زيد ، وقد يكون (٥) الثاني لمجرّد التفسير بعد الإبهام ، مع أنه ليس في الأول فائدة
__________________
(١) الآيتان ٥٢ ، ٥٣ سورة الشورى ؛
(٢) اختلف في نسبة هذا البيت والأرجح أنه لأبي ذؤيب الهذلي ولكنه نسب إلى شاعرين آخرين ، وانظر خزانة الأدب للبغدادي ،
(٣) أي النحاة وهذا تمهيد لمناقشتهم في عطف البيان وأنه هو والبدل شيء واحد ؛
(٤) أي أنه سيبين في الأبدال الثلاثة الفائدة من ذكر المبدل منه ؛
(٥) هذا هو الشيء الثالث من الأمور التي ذكر أنها فوائد ذكر البدل والمبدل منه بالاستقراء ؛