فإن لم يكن جامدا كقوله :
٣٥٦ ـ فلا وأبيك خير منك إني |
|
ليؤذيني التّحمحم والصهيل (١) |
قدّر الموصوف ، أي فلا وأبيك رجل خير منك ، بخلاف الصفة ، فانك لو حذفت الأول في جاءني زيد العالم ، لاحتاج الثاني إلى مقدر قبله ، لأن الوصف لا بدّ له من موصوف ، فلذا قيل إن الثاني في : العائذات الطير (٢) ، بدل ، وفي : الطير العائذات : صفة ، وبخلاف التأكيد ، فإنه وإن كان جامدا ، لكن كون معناه مفهوما من المتبوع لو سكتّ عليه ، منع من اعتباره مستقلا ، ولما لم يكن للبدل معنى في المتبوع حتى يحتاج إلى المتبوع ، كما احتاج الوصف ، ولم يفهم معناه من المتبوع كما فهم ذلك في التأكيد : جاز اعتباره مستقلا لفظا ، أي صالحا لأن يقوم مقام المتبوع ولما كان اعرابه بتبعية الأول جاز أن يعتبر غير مستقل ، أخرى (٣) ، فالأول نحو : يا زيد أخ ، ويا أخانا زيد مبنيّين ؛ والثاني نحو : يا غلام بشر وبشرا معربا بالوجهين ، ويا أخانا زيدا بالنصب ، وكذا قوله :
أنا ابن التارك البكري بشر |
|
عليه الطير ترقبه وقوعا (٤) ـ ٢٩٠ |
بالجر ؛ وكذا المنسوق يجوز جعله مستقلا ، نحو : يا زيد وعمرو ، وغير مستقل نحو يا زيد والحارث ، للعلة المذكورة بعينها ؛
__________________
(١) قاله شمير بن الحارث الضبي وهو جاهلي في ضمن أبيات يذكر فيها حبه للخيل ورغبته أن يرزقه الله بشيء منها ، وأول هذه الأبيات :
دعوت الله حتى خفت أن لا |
|
يكون الله يسمع ما أقول |
قالوا : إن يسمع بمعنى يجيب. أما قوله ليؤذيني التحمحم الخ فقد اختلف في معناه بعد معرفة أن الشاعر يذكر حبه للخيل. فقيل ان التقدير ليؤذيني فقدهما ، وأعجبني ما ذكره البغدادي من رأي لبعضهم أنه محرف عن : ليؤذنني بنونين أي يجعلني آذن أي أصغي إلى ذلك لحبي له ؛
(٢) إشارة إلى بيت النابغة الذبياني : والمؤمن العائذات الطير يمسحها .. الخ وتقدم في باب الإضافة
(٣) أي مرة أو تارة أخرى ؛
(٤) تقدم ذكره في باب الإضافة من هذا الجزء ،