كاشتمال الظرف على المظروف ، بل من حيث كونه دالّا عليه اجمالا ومتقاضيا (١) له بوجه ما ؛ بحيث تبقى النفس عند ذكر الأول مشوقة إلى ذكر ثان ، منتظرة له ، فيجيئ الثاني ملخصا لما أجمل في الأول مبيّنا له ؛
وقال المبرد ، والقولان (٢) متقاربان : سمّي بدل الاشتمال لاشتمال الفعل المسند إلى المبدل منه على البدل ، ليفيد ويتمّ ، لأن الإعجاب في قولك : أعجبني زيد حسنه ، وهو مسند إلى زيد ، لا يكتفى به من جهة المعنى لأنه لم يعجبك للحمه ودمه ، بل لمعنى فيه ؛
وكذا : سلب زيد ، ظاهر في أنه لم يسلب هو نفسه ، بل سلب شيء منه ، وكذا السؤال عن نفس الشهر في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ)(٣) ، غير مفيد إلا أن يكون لحكم من أحكامه غير معيّن ، وكذا : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)(٤) ، مطلق غير مفيد ، إلا لفعلهم بذلك الأخدود ما استحقوا به اللعن ؛ بخلاف : ضربت زيدا عبده ، فانه بدل الغلط لأن ضرب زيد مفيد غير محتاج إلى شيء آخر ؛
ولا نقول في بدل الاشتمال (٥) ، نحو قتل الأمير سيّافه ، وبنى الوزير وكلاؤه ؛ لأن شرط بدل الاشتمال ، ألّا يستفاد هو من المبدل منه معيّنا ، بل تبقى النفس مع ذكر الأول متشاقة إلى البيان للاجمال الذي فيه ، وهنا : الأول غير مجمل ، إذ يستفاد عرفا من قولك قتل الأمير ، أنّ القاتل سيّافه ، وكذا في أمثاله فلا يجوز مثل هذا الإبدال مطلقا ؛
ودليل حصر الأبدال في الأربعة : أنه لا يخلو مدلول الثاني من أن يكون مدلول الأول ، أو ، لا ؛ الأول بدل الكل ، والثاء إمّا أن يكون الثاني فيه بعض الأول ، أو ، لا ؛ والأول بدل البعض ، والثاني إمّا أن يكون فيه الفعل المسند إلى المبدل منه مشتملا على
__________________
(١) أي طالبا ومستدعيا له ،
(٢) أي قول المبرد وقول ابن جعفر ،
(٣) من الآية ٢١٧ سورة البقرة ،
(٤) الآية ٤ سورة البروج ، وفي النسخة المطبوعة : لعن ، وهو تحريف ،
(٥) يريد أنه لا يصح التمثيل لبدل الاشتمال بما ذكر من الأمثلة ؛