لمفرد أو مثنى أو مجموع ، صارت تسعة ، وكل واحد من التسعة إمّا أن يكون لمذكر أو مؤنث ، فصارت للمتكلم ستة ، وللمخاطب ستة وللغائب ستة ؛ وضعوا للمتكلم منها لفظين يدلّان على ستة المعاني المذكورة ، كضربت وضربنا ، فضربت مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث وضربنا بين الأربعة : المثنى المذكر والمثنى المؤنث ، والمجموع المذكر والمجموع المؤنث ؛ وإنما شركوا في المتكلم بين المذكر والمؤنث ، مفردا كان أو غيره ، لأن المشاهدة تكفي في الفرق ؛ وإنما ارتجل لمثنى المتكلم وجمعه صيغة وهي «نا» وكذلك قولك «نحن» ، ولم يزيدوا للمثنى ألفا ، وللجمع واوا كما فعلوا في مثنى المخاطب وجمعه ، لأن مثناهما (١) : اسم انضمّ إليه لفظ آخر مثله ، بدليل أنك إذا قيل لك : فصّل «أنتما» قلت : أنت يا زيد وأنت يا عمرو ، وهذه حقيقة المثنى كما يجيء ، وكذلك في الجمع إذا قيل لك : فصّل «أنتم ، قلت : أنت يا زيد ، وأنت يا عمرو ، وأنت يا خالد ؛
وأمّا إذا قيل نحن ، وأردت المثنى ، فقيل لك فصّل ، قلت (٢) : أنا وزيد ، أو أنا وأنت ، أو أنا وهو ، وتقول في الجمع : أنا وزيد وعمرو ، وليس كل أفراده «أنا» ، فلما لم يكن شرط المثنى والمجموع وهو اتفاق الاسمين أو الأسماء في اللفظ ، حاصلا لم يمكنهم إجراء تثنيته وجمعه على وفق ما أجري عليه سائر التّثاني (٣) والجموع ، فارتجلوا للمثنى صيغة ، وشركوا معه الجمع للأمن من اللبس بسبب القرائن ؛
وكثيرا ما يجيء في غير هذا الباب ، أيضا ، المثنى بصيغة الجمع نحو قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) (٤) ؛
وقد يقول المعظّم (٥) : فعلنا ، ونحن ، وإيانا ، عادّا لنفسه كالجماعة ؛
__________________
(١) يريد مثنى المخاطب ؛
(٢) تكررت الإشارة إلى استعمال الرضي هذا ، وهو المجيء بجواب أمّا هكذا بدون فاء وكان أسهل لو قال :
وإذا قيل لك ... قلت ؛
(٣) أي سائر أنواع التثنية ،
(٤) من الآية ٤ سورة التحريم ،
(٥) أي المعظم لنفسه ،