لأن الفعل أقعد في اتصال الضمير به من المصدر واسم الفاعل ، لأنه (١) يطلب الفاعل والمفعول لذاته ، وهما لمشابهته ؛
وكذا يشذّ الاتصال في الثاني فيهما (٢) إذا كان أزيد ، أو مساويّا ، نحو : ضربهوك ، وضربهوه ، قال :
٣٧٧ ـ وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة |
|
لضغمهماها يقرع العظم نابها (٣) |
وإن كان بعد الضمير المجرور مرفوع ، فلا بدّ من كونه منفصلا ، سواء كان أعرف من المجرور أو أنقص أو مساويا ؛ إذ البارز المرفوع المتصل ، لا يتصل إلا بالفعل ، كما ذكرنا ، نحو : ضربك هو ، وضربك أنا ، وضربه هو ، ولا يكون الأول منهما منصوبا إلّا عند هشام (٤) والأخفش كما مرّ ، في باب الإضافة (٥) في نحو : ضاربك ، فحكم الضمير الذي يليه ، عندهما ، حكم الضمير الذي يلي المجرور ، كما مرّ ؛
قوله : «وليس أحدهما مرفوعا» ، لأنه إن كان مرفوعا وجب تقديمه واتصال الثاني ، كما تقدم ، سواء كان الأول أعرف ، أو ، لا ،
قوله : «فإن كان أحدهما أعرف» ، إنما كان ذلك لأنه إن لم يكن أحدهما أعرف ،
__________________
(١) أي الفعل ؛
(٢) يعني في المصدر والوصف ؛
(٣) لشاعر جاهلي اسمه مغلّس بن لقيط ، كان له أخ عزيز عليه بارّ به فمات وبقي له اخوان أو قريبان اسمهما مدرك ومرة ، لقي منهما ما يضايقه فتذكر أخاه الذي مات وقال في ذلك أبياتا منها :
وأبقت لي الايام بعدك مدركا |
|
ومرة ، والدنيا كريه عتابها |
قرينين كالذئبين يقتسمانني |
|
وشر صحابات الرجال ذئابها |
إلى أن قال : وقد جعلت نفسي تطيب ، .. يعني أنه أصبح يسره أن تنزل بهذين الرفيقين نازلة كنى عنها بالضغم أي العض الشديد الذي يجعل الناب يغوص في اللحم حتى يقرع العظم ، وهذا الشاهد في سيبويه ج ١ ص ٣٨٤.
(٤) المراد : هشام بن معاوية الملقب بهشام الضرير ، من زعماء النحو في الكوفة ، وتقدم ذكره في هذا الجزء وفي الجزء الأول ؛
(٥) انظر ص ٢٣٣ في هذا الجزء ؛