في عدم الاستقلال ، كالإعراب الدال على المعاني المختلفة ، وكتغيّر الصيغ في الجمع والمصغّر ، والمنسوب ، وفي الكلمات المشتقة عن أصل ، كضرب ، ويضرب ، وضارب ، ومضروب : من الضرب ، وكذا المعنى العارض في المضاف ، إنما هو بسبب حرف الجر المقدر بعده ؛
وفي أسماء الإشارة معنى ، ولم يوضع لهذا المعنى حرف ، فكان حقها أن تكون كأسماء الشرط والاستفهام ، على ما ذكرنا في حدّ الاسم ، حذف حرف الشرط والاستفهام وضمنت معناهما ، فتكون أسماء الإشارة كالمتضمنة لمعنى الحرف ؛
وقيل : إنما بنيت لاحتياجها إلى القرينة الرافعة لإبهامها ، وهي : إمّا الإشارة الحسية ، أو الوصف ، نحو : هذا الرجل ، كاحتياج الحرف إلى غيره ؛
فإن قلت : المضمرات ، وجميع المظهرات ، وخاصة ما فيه لام العهد ، داخلة في الحد ، لأن المضمر يشار به إلى المعود إليه ، والمظهرات إن كانت نكرة ، يشار بها إلى واحد من الجنس غير معيّن ، وإن كانت معرفة ، فإلى واحد معيّن ؛
فالجواب : ان المراد بقولنا : مشار إليه : ما أشير إليه إشارة حسّية أي بالجوارح والأعضاء ، لا عقلية ؛ والأسماء المذكورة ليست كذلك فإنها للمشار إليه إشارة عقلية ذهنية ، فلم يحتج في الحد إلى أن يقول : لمشار إليه إشارة حسّية ، لأن مطلق الإشارة ، حقيقة في الحسّية دون الذهنية ؛
فالأصل ، على هذا : ألّا يشار بأسماء الإشارة إلّا إلى مشاهد محسوس ، قريب أو بعيد ، فإن أشير بها إلى محسوس غير مشاهد ، نحو : (تِلْكَ الْجَنَّةُ)(١) ، فلتصييره كالمشاهد ، وكذلك إن أشير بها إلى ما يستحيل إحساسه ومشاهدته نحو : (ذلِكُمُ اللهُ)(٢) ، و: (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) ، (٣)
__________________
(١) من الآية ٦٣ سورة مريم ،
(٢) من الآية ٣ سورة يونس
(٣) من الآية ٣٧ سورة يوسف ،