قد علم الله وقد قعد الناس ، تقديره : أتقوم قائما ، فهو عند السيرافي حال مؤكدة ؛ وأمّا عند سيبويه ، والمبرد ، والزمخشري ، فالصفة قائمة مقام المصدر ، أي : أتقوم قياما ؛ ويجوز رفع هذين القسمين ، على أنهما خبران للمبتدأ ، فتقول : أتميميّ مرة .. ، و: قائم قد علم الله ... ، أي : أأنت تميميّ ، و: هو قائم قد علم الله .. ؛
والعلة في وجوب حذف العامل في جميع ما ذكرنا ، مما هو حال ، كثرة استعماله ؛
قوله : «ويجب في المؤكدة» ، أي يجب حذف العامل في المؤكدة ، هذا على مذهب من قال : ان المؤكدة لا تجيىء إلا بعد الاسمية ، والظاهر أنها تجيىء بعد الفعلية أيضا كقوله تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(١) ، وقوله تعالى : (ثم وليَّتم مدبرين) (٢) ، وقولهم : تعال جائيا ، وقم قائما ، قال تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ)(٣) ، على قراءة النصب في الأربعة ؛
وقال تعالى : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً)(٤) ، وتخالف العامل والحال ، اذن ، أكثر من توافقهما ؛ وللأول (٥) أن يرتكب أن هذه الصفات المنصوبة كلها قائمة مقام المصدر ، على ما هو مذهب سيبويه في نحو : أقاعدا وقد سار الركب ؛
وأمّا المؤكدة فليست بقيد يتقيّد به عاملها كالمنتقلة ، وإذا جاءت بعد الاسمية وجب أن يكون جزآها معرفتين جامدين ؛ وتجيىء إمّا لتقرير مضمون الخبر وتأكيده ، وإمّا للاستدلال على مضمونه ؛
ومضمون الخبر إمّا فخر ، كقوله :
__________________
(١) الآية ٨٥ سورة هود ،
(٢) الآية ٢٥ سورة التوبة ،
(٣) الآية ٥٤ سورة الأعراف ؛
(٤) الآية ٩٢ سورة النحل ،
(٥) يعني من يرى أن المؤكدة لا تجيى بعد الجملة الاسمية ؛