قوله : «إلا أن يكون جنسا» ، قد ذكرنا مرادهم بالجنس ههنا ، تقول : طاب زيد أبوة ، سواء أردت أبوة نفسه ، أو أبوّة أبيه فقط ، أو أبوّة أبويه ، أو أبوّة آبائه ؛ وكذا تقول : طاب الزيدان أو الزيدون أبوّة ، وتريد الأبوّات المذكورة ، وكذا تقول : طاب زيد علما ، مع كثرة علومه ، إلا أن تقصد الأنواع ، فتقول : طاب زيد علوما أو علمين ، على حسب ما تقصد ، قال الله تعالى (.. بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً)(١) ،
قوله : «وإن كان صفة» ، قسيم قوله : إن كان اسما ، يعني أن الصفة لم تجئ صالحة لما انتصب عنه ولمتعلّقه كما جاء الاسم ، بل لم تجئ إلّا لما انتصب عنه فقط ، فيجب ، إذن ، أن تطابقه ، إذ ليس في الصفات ما يقع على القليل والكثير بلفظ المفرد حتى يكون جنسا ، وذلك نحو : لله درّك ، أو درّ زيد فارسا ، وكفى زيد شجاعا ؛
قوله : «واحتملت الحال» ، قال الأكثرون هي تمييز ، وقال بعضهم هي حال ، أي : ما أعجبه في حال فروسيّته ، ورجحّ المصنف الأوّل ، قال : لأن المعنى : مدحه مطلقا بالفروسيّة ، فإذا جعل حالا ، اختصّ المدح وتقيّد بحال فروسيّته ؛ وأنا لا أرى بينهما فرقا ، لأن معنى التمييز عنده : ما أحسن فروسيّته ، فلا يمدحه في غير حال الفروسيّة إلا بها وهذا المعنى هو المستفاد من : ما أحسنه في حال فروسيته ، وتصريحهم بمن في : لله درك من فارس ، دليل على أنه تمييز ؛ وكذا قولهم : عزّ من قائل (٢) ، والتمييز عن المفرد ، وكذا إن كان عن نسبة وكان التمييز نفس ما انتصب عنه بدليل تصريحهم بها في نحو : يا لك من ليل (٣) ، وعزّ من قائل ، وقاتله الله من شاعر ، ومررت برجل هدّك (٤) من رجل ، وحسبك من رجل ، أي هدك هو ، وحسبك هو ، فالضمير هو ما انتصب عنه التمييز في هذه المواضع ؛
__________________
(١) من الآية ١٠٣ سورة الكهف ؛
(٢) أي في مثل قولنا : قال الله عز من قائل ، وتقدم ذلك في الشرح ؛
(٣) إشارة إلى بيت امرىء القيس المتقدم في هذا الباب
(٤) سيشرح الرضي هذا المثال ونحوه في قسم الإضافة اللفظية من باب الإضافة في هذا الجزء ،