وإنما لم يتقدم ، لأن عامله اسم جامد ، ضعيف العمل ، مشابه للفعل مشابهة ضعيفة ، كما ذكرنا ، وهي كونه تامّا ، كما أن الفعل يتمّ بفاعله ؛
أمّا إذا كان عن النسبة ، فإن كان عن الصفة المشبهة ، أو أفعل التفضيل ، أو المصدر ، أو ما فيه معنى الفعل مما ليس من الأسماء المتصلة به نحو : لله دره فارسا أو : درّ زيد فارسا ، وويلمّ زيد شجاعا ، وويح زيد رجلا ، فلا يتقدم على عامله ، لضعف الصفة والأفعل (١) ، وما فيه معنى الفعل ، وكون المصدر بتقدير الحرف الموصول ؛ وليس العامل في نحو : نعم رجلا زيد ، وحبذا رجلا عمرو ، هو الفعل غير المتصرف ، بل الضمير واسم الاشارة كما تقدم (٢) ، فلا يتفرع عليه أنه لا يتقدم على الفعل غير المتصرف ، كما قال بعضهم ؛
وأمّا إن كان العامل الفعل الصريح ، نحو : طاب زيد أبا ، أو اسم الفاعل أو اسم المفعول ، فجوّزه المازني والكسائي والمبرد ، نظرا إلى قوة العامل ، ومنعه الباقون ؛ قيل : لأنه في الأصل فاعل الفعل المذكور ، كما في طاب زيد أبا ، أو فاعل الفعل المذكور إذا جعلته لازما نحو : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) ، أي تفجّرت عيونها ، أو فاعل ذلك الفعل إذا جعلته متعدّيا ، نحو : امتلأ الإناء ماء ، أي ملأه الماء ؛ والفاعل لا يتقدم على الفعل ، فكذا ما هو بمعنى الفاعل ؛
وليست العلة بمرضية ، إذ ربّما يخرج الشيء عن أصله ، ولا يراعي ذلك الأصل ، كمفعول ما لم يسمّ فاعله ، كان له ، لما كان منصوبا ، أن يتقدم على الفعل ، فلما قام مقام الفاعل لزمه الرفع وكونه بعد الفعل ، فأيّ مانع أن يكون للفاعل أيضا ، إذا صار على صورة المفعول : حكم المفعول من جواز التقديم ؛
وقيل : ان الأصل في التمييزات (٣) أن تكون موصوفات بما انتصبت عنه ، سواء كانت عن مفرد ، أو عن نسبة ، وكأنّ الأصل : عندي خلّ راقود ، ورجل مثله وسمن منوان ،
__________________
(١) أي أفعل التفضيل ،
(٢) في هذا الباب
(٣) أي أنواع التمييز المختلفة ؛