النكرة ، وقد وجدنا العرب قد أعملته في المعرفة ، قال الحارث بن ظالم :
[٨٣] فما قومي بثعلبة بن بكر |
|
ولا بفزارة الشّعر الرّقابا |
[٦٠] فنصب الرّقاب بالشّعر ، وهو جمع أشعر ، ولا خلاف أن الجمع في باب العمل أضعف من واحده ؛ لأن الجمع يباعده عن مشابهة الفعل ؛ لأن الفعل لا يجمع ، وإذا بعد عن مشابهة الفعل بعد عن العمل ، وإذا عمل جمع أفعل مع بعده عن العمل ؛ فالواحد أولى أن يعمل ، وقال الآخر :
[٨٤] ونأخذ بعده بذناب عيش |
|
أجبّ الظّهر ليس له سنام |
______________________________________________________
[٨٣] هذا البيت من قصيدة للحارث بن ظالم المري ، وكان قد فتك بخالد بن جعفر بن كلاب وهو في جوار النعمان بن المنذر ثم هرب يستجير القبائل ، والبيت من شواهد سيبويه (١ / ١٠٣) وابن يعيش (ص ٨٤٣) والأشموني (رقم ٧٢٩) وقوله «بثعلبة بن بكر» المحفوظ «بثعلبة بن سعد» وكذلك هو في رواية سيبويه وابن يعيش ، وكذلك هو في نسب ثعلبة ؛ فإنه ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، وفزارة هو فزارة بن ذبيان أخو سعد بن ذبيان أبي ثعلبة ، والشاعر في هذا البيت ينتفي من بني سعد بن ذبيان ، والشعر ـ بضم الشين وسكون العين ـ جمع أشعر ، والأشعر : الكثير الشعر ، والرقاب : جمع رقبة ، والعرب ترى من علامات الغباء أن يكون الرجل كثير شعر القفا ، ويسمون ذلك الغمم ، وقال في ذلك شاعرهم :
ولا تنكحي إن فرق الدهر بيننا |
|
أغم القفا والوجه ليس بأنزعا |
ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «الشعر الرقابا» حيث نصب قوله «الرقابا» بقوله «الشعر» والشعر جمع أشعر وهو هنا صفة مشبهة ، واتفق الفريقان الكوفيون والبصريون على أنه يجوز أن يكون انتصابه على التشبيه بالمفعول به ، وزاد الكوفيون أنه يجوز أيضا أن يكون انتصابه على التمييز ، وذلك لأن الكوفيين يجوزون أن يجيء التمييز معرفة ، فأما علماء البصرة فلكونهم يوجبون كون التمييز نكرة لم يجيزوا انتصاب «الرقاب» في هذا البيت على التمييز ، فاعرف هذا ، ويروى في هذه العبارة «الشعرى رقابا» بتجريد المعمول من أل ، والبصريون لا يرون بأسا في نصبه حينئذ على التمييز ، وقد روى سيبويه البيت بالروايتين جميعا.
[٨٤] هذا البيت من كلام النابغة الذبياني ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ١٠٠) وابن يعيش (ص ٨٤١) والأشموني (رقم ٧٢٢) والرضي ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٤ / ٩٥) وقبل بيت الشاهد قوله :
فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
|
ربيع الناس والبلد الحرام |
وقوله «ربيع الناس» شبه الملك النعمان بالربيع الذي تترادف فيه الخيرات لكثرة عطائه ووفرة بره ، و «البلد الحرام» شبهه أيضا بالبلد الحرام لأن رحابه موضع الأمن من كل مخافة وفي كنفه يلجأ اللاجئون فلا تجسر يد على أن تمتد إليهم بسوء ، وقوله «بذناب