وقال الآخر :
[١٢٢] أكاشره وأعلم أن كلانا |
|
على ما ساء صاحبه حريص |
______________________________________________________
لقاومتك ، أو لسهل على نفسي منازلتك ، وما أشبه ذلك ، لكن المحققين من العلماء لا يرون هذا ، و «أن» عندهم زائدة ، ذكر ذلك ابن هشام في مغني اللبيب ؛ قال «الثاني : من مواضع زيادة أن المخففة المفتوحة الهمزة أن تقع بين «لو» وفعل القسم ، سواء أكان الفعل مذكورا كقول الشاعر :
فأقسم أن لو التقينا وأنتم |
|
لكان لكم يوم من الشر مظلم |
أم كان فعل القسم متروكا ، كقوله :
* أما والله أن لو كنت حرا*
البيت ، هذا قول سيبويه وغيره» اه. وقد ذكر البغدادي أن نسبة القول بزيادة «أن» في هذا البيت إلى سيبويه ليست بصحيحة ؛ والصواب أن القائل بزيادتها في هذا البيت هو الفراء ، وذهب ابن عصفور إلى أنها حرف جيء به لربط الجواب بالقسم ، قال ابن هشام بعد أن حكى عن ابن عصفور ذلك «ويبعده أن الأكثر تركها ، والحروف الرابطة ليست كذلك» اه.
ونازعه في ذلك الدماميني فقال : إن من الحروف الرابطة اللام ؛ وذلك نحو قول الشاعر :
ولو نعطى الخيار لما افترقنا |
|
ولكن لا خيار مع الليالي |
ولا يلزم ذكر هذه اللام ، بل يجوز تركها كما في قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) فلم يتم قول ابن هشام : إن الحروف الرابطة لا تترك من الكلام. والشاهد الثاني من البيت في قوله «وما بالحر أنت» حيث دخلت الباء الزائدة على خبر «ما» الذي هو قوله «الحر» مع كونه متقدما على الاسم الذي هو قوله «أنت» وقد اختلف العلماء في الباء الزائدة بعد ما النافية : أهي مختصة بما الحجازية العاملة عمل ليس أم غير مختصة بها ويجوز دخولها بعد ما التميمية المهملة؟ فذهب الأخفش إلى أنها تدخل بعد ما التميمية كما تدخل بعد ما الحجازية ، وذهب قوم منهم الزمخشري وأبو علي إلى أن الباء الزائدة لا تدخل إلا في خبر ما الحجازية ، وانبنى على هذا الخلاف اختلاف آخر حاصله هل يجوز أن يتقدم خبر «ما» الحجازية العاملة أو لا يجوز؟ فأما الذين ذهبوا إلى أن الباء لا تدخل على الخبر بعد ما التميمية فقالوا : يجوز أن يتقدم خبر ما الحجازية على اسمها ويبقى لها عملها واستدلوا بهذا البيت ونحوه ، ووجه الاستدلال أن الباء هنا قد دخلت على الخبر وهو متقدم ، وحيث جاز تقديمه وهو مقترن بالباء يجوز تقديمه وهو عار منها ، والذي نرجحه أنه يجوز دخول الباء على خبر المبتدأ الواقع بعد ما التميمية ، بدليل قول الفرزدق وهو تميمي :
لعمرك ما معن بتارك حقه |
|
ولا منسىء معن ، ولا متيسر |
وبدليل دخولها حيث لا عمل لما ، وذلك كما في قول الشاعر :
لعمرك ما إن أبو مالك |
|
بوان ولا بضعيف قواه |
فإن «ما» ههنا غير عاملة لاقترانها بإن الزائدة ، والباء لم تدخل في الخبر بعد ما إلا لكونه منفيا ، فلا يلزم أن يكون منصوبا ، وفي هذا القدر كفاية وغناء.
[١٢٢] هذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ٤٤٠) ولم ينسبه ولا نسبه الأعلم في شرح شواهده ، ـ