* يثنون خيرا ويمجّدونكا*
[١٠٠] والتقدير فيه : دونك دلوي ؛ فدلوي في موضع نصب بدونك ؛ فدلّ على جواز تقديمه.
وأما القياس فقالوا : أجمعنا على أنّ هذه الألفاظ قامت مقام الفعل ، ألا ترى أنك إذا قلت «عليك زيدا» أي ألزم زيدا ، وإذا قلت «عندك عمرا» أي تناول عمرا ، وإذا قلت «دونك بكرا» أي خذ بكرا ، ولو قلت «زيدا الزم ، وعمرا تناول ، وبكرا خذ» فقدمت المفعول لكان جائزا ، فكذلك مع ما قام مقامه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أنه لا يجوز تقديم معمولاتها عليها أن هذه الألفاظ فرع على الفعل في العمل ؛ لأنها إنما عملت عمله لقيامها مقامه ؛ فينبغي أن لا تتصرف تصرفه ؛ فوجب أن لا يجوز تقديم معمولاتها عليها وصار هذا كما نقول في الحال إذا كان العامل فيها غير فعل ؛ فإنه لا يجوز تقديمها عليه لعدم تصرفه ، فكذلك هاهنا ؛ إذ لو قلنا إنه يتصرّف عملها ، ويجوز تقديم معمولاتها عليها لأدّى ذلك إلى التّسوية بين الفرع والأصل ، وذلك لا يجوز ؛ لأن الفروع أبدا تنحطّ عن درجات الأصول.
______________________________________________________
هذا الشاهد ، ولم يرتض البصريون هذا ، وقالوا : إن البيت يحتمل وجوها أخرى من الإعراب ؛ منها أن يكون «دلوي» مفعولا به لفعل محذوف يفسره اسم الفعل ، ومنها أن يكون «دلوي» مبتدأ وخبره الجملة من اسم الفعل وفاعله ، والرابط ضمير منصوب بدونك محذوف ، والتقدير : دلوي دونكه ، كما تقول : دلوي خذه ، ولم يذكر المؤلف هذا التخريج لأنه لا يجيزه ، ومنها أن يكون دلوي خبر مبتدأ محذوف ، ثم قالوا : إن البيت الواحد لا تثبت به قاعدة ، فليكن هذا البيت شاذا إن لم تقبلوا تأويله.