تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] في قراءة من قرأ (مِثْلَ) بالفتح ، وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب ، وإن كان في موضع رفع ؛ لأنه اسم مبهم مثل غير أضيف إلى غير متمكن ، وقال تعالى : (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) [هود : ٦٦] فيمن قرأ بالفتح ، وقال تعالى : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) [المعارج : ١١] فيمن قرأ بالفتح ، وهي قراءة نافع والكسائي وأبي جعفر ، ثم قال الشاعر :
[١٧٣] أزمان من يرد الصّنيعة يصطنع |
|
فينا ، ومن يرد الزّهادة يزهد |
فبنى «أزمان» لإضافته إلى «من» وهو غير متمكن ، وقال الآخر :
[١٧٤] على حين من تلبث عليه ذنوبه |
|
يجد فقدها وفي المقام تدابر |
فبنى «حين» لإضافته إلى «من» وقال الآخر :
[١٧٥] على حين عاتبت المشيب على الصّبا |
|
وقلت : ألمّا تصح والشّيب وازع؟ |
______________________________________________________
[١٧٣] الصنيعة : كل معروف تسديه إلى غيرك تصطنعه به ، أي تجعله من نفرك ، وقال الشاعر :
إن الصنيعة لا تكون صنيعة |
|
حتى يصاب بها مكان المصنع |
والاستشهاد بالبيت في قوله «أزمان من يرد ـ إلخ» فإنه يجوز في «أزمان» أن يكون مبنيا على الفتح لكونه ظرفا مبهما قد أضيف إلى جملة مصدرة باسم مبني ـ وهو من ـ ويجوز أن يكون منصوبا على الظرفية ، ونظيره قول العجاج :
أزمان أبدت واضحا مفلجا |
|
أغر براقا وطرفا أدعجا |
[١٧٤] هذا البيت من كلام لبيد بن ربيعة العامري ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٤٤١) والرضي في باب الجوازم ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ٦٤٩) والذنوب ـ بفتح الذال ـ الدلو إذا كانت مملوءة بالماء ، وقد ضربه مثلا لما يدلى به من الحجة ، وقوله «يجد فقدها» روى سيبويه في مكان هذه العبارة «يرث شربه» والشرب ـ بالكسر ـ الحظ من الماء ، والمقام : أراد به مقاما فأخر فيه غيره وكثرت المخاصمة فيه والمحاجة ، والتدابر ـ بالباء الموحدة ـ التقاطع ، وأصله أن يولي كل واحد من الخصمين صاحبه دبره ، وروى سيبويه «تداثر» بالثاء المثلثة ـ وهو التزاحم. وأصله مأخوذ من الدثر ـ بفتح الدال وسكون الثاء ـ وهو المال الكثير. والاستشهاد بالبيت في قوله «على حين من ـ إلخ» فإن الرواية فيه بفتح حين مع دخول حرف الجر عليها ، وذلك دليل على أن الشاعر بنى هذه الكلمة على الفتح ؛ إذ لو كان أعربها لجرها بالكسرة ، وإنما بناها لكونها مضافة إلى جملة صدرها مبني ـ وهو «من» ـ وقد ذكر سيبويه أن إضافة «حين» إلى «من» الشرطية ضرورة من ضرورات الشعر ، قال الأعلم : «الشاهد مجازاته بمن مع إضافة حين إلى جملة الشرط ضرورة ، وحكمها ألا تضاف هي وإذا إلا إلى جملة مخبريها ، والمبهمات إنما تفسر وتوصل بالأخبار ، وجاز هذا في الشعر تشبيها لجملة الشرط بجملة الابتداء والخبر والفعل والفاعل» اه.
[١٧٥] هذا البيت من كلام النابغة الذبياني ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٣٦٩) وابن يعيش (٣٣٥