أراد «المراجل» ، وقال الآخر :
[١٦]لا عهد لي بنيضال |
|
أصبحت كالشّنّ البال |
أراد «بنضال» ، وقال الآخر :
[١٧]ألم يأتيك والأنباء تنمي |
|
بما لاقت لبون بني زياد |
______________________________________________________
بوزن كساء وأكسية ، ورداء وأردية ـ والمراجيل : جمع مرجل ، وهو القدر التي يطبخ فيها الطعام ، يقول : إنهم حين حطوا رحالهم أسرعوا فنحروا الذبائح وأوقدوا عليها ففارت قدورهم باللحم ، يصف أنفسهم بالكرم ، والاستشهاد بالبيت في قوله «المراجيل» فإنّ أصله المراجل ؛ لأنه جمع مرجل على وزن منبر ، ولكنه لما اضطر أشبع كسرة الجيم فتولدت عنها ياء.
[١٦] هذان بيتان من الرجز ، وقد أنشدهما ابن منظور (ن ض ل) غير معزو ، والنيضال : مصدر «ناضلة يناضله» إذا باراه في الرمي ، و «الشن» القربة الصغيرة ، والبال : أي البالي.
ومحل الاستشهاد بهذا الشاهد قوله «بنيضال» فإنه مصدر ناضله كما بيّنا لك ، والأصل أن يقول «بنضال» كما تقول : قاتل قتالا ومقاتلة ، ولكنه لما اضطر أشبع كسرة النون فتولدت ياء ، وهذا الذي حكاه المؤلف في هذه الكلمة هو رأي أبي العباس ثعلب ، وأما سيبويه فإنه ذهب إلى أن مصدر الفعل الذي على فاعل كقاتل وشارك يأتي على فعال بكسر الفاء غالبا ، وربما جاء على فيعال بزيادة ياء بعد الفاء تقابل الألف الزائدة في الفعل لئلا يكونوا قد تركوا من حروف الفعل شيئا.
[١٧] هذا البيت من كلام قيس بن زهير بن جذيمة العبسي ، وقد أنشده ابن منظور (أ ت ى) منسوبا إليه ، وهو من شواهد الأشموني (رقم ٤٣) وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٢٠) وفي مغني اللبيب (رقم ١٥٦ بتحقيقنا) والأنباء : جمع نبأ ، وهو كالخبر وزنا ومعنى ، وقيل : النبأ خاص بذي الشأن من الأخبار ، وتنمى : تزيد وتكثر ، وهو من بابي ضرب ونصر ، واللبون : الإبل ذوات اللبن ، وبنو زياد : هم الكملة من الرجال الربيع وعمارة وقيس وأنس ، بنو زياد بن سفيان بن عبد الله العبسي ، وأمهم فاطمة بنت الخرشب الأنمارية ، وكان قيس بن زهير قد طرد إبلا للربيع بن زياد في قصة مشهورة. والاستشهاد بالبيت في قوله «ألم يأتيك» فإن «يأتي» فعل مضارع معتل الآخر ، وقد دخل عليه الجازم ، وجمهرة العرب يجزمونه بحذف حرف العلة ـ وهو هنا الياء ـ فيقولون «ألم يأتك» وللعلماء في هذه الياء رأيان أحدهما : أنها لام الفعل ، وأن الشاعر اكتفى بحذف الحركة كما يفعل مع الفعل الصحيح الآخر ؛ فيكون «يأتي» مجزوما وعلامة جزمه السكون ، والرأي الثاني : أن الشاعر جزم «يأتي» بحذف حرف العلة كما يصنع جمهرة العرب ، إلا أنه اضطر لإقامة الوزن فأشبع كسرة التاء فتولدت عنها ياء ، فهذه الياء ياء الإشباع وليست لام الكلمة ، وهذا الرأي الأخير هو الذي ذهب إليه المؤلف ، قال ابن منظور «وأما قول قيس بن زهير العبسي ألم يأتيك ... فإنّما أثبت الياء ولم يحذفها للجزم ضرورة ، ورده إلى أصله ، قال المازني : ويجوز في الشعر أن تقول : زيد يرميك برفع الياء ، ويغزوك برفع الواو ، وهذا قاضي