اتصلت ببناء الاسم نحو قائم وقائمة فإنها تصير حرف الإعراب ؛ لأنها صارت آخر الكلمة وتخرج [١٢] ما قبلها عن تلك الصفة ؛ لأنه قد صار بمنزلة حشو الكلمة ؛ فكذلك هاهنا ، وبل أولى ؛ فإن تاء التأنيث زائدة على بناء الاسم وليست أصلية ، وحرف العلة هاهنا أصليّ في بناء الاسم وليس زائدا ، وإذا ترك ما قبل الزائد حشوا فلأن يترك ما قبل الأصليّ حشوا كان ذلك من طريق الأولى.
وأما قولهم «إن الحركة التي تكون إعرابا للمفرد في حال الإفراد هي بعينها تكون إعرابا له في حال الإضافة نحو : هذا غلام ، وهذا غلامك» قلنا : إنما تكون الحركة فيهما واحدة إذا كان حرف الإعراب فيهما واحدا ، نحو «هذا غلام ، وهذا غلامك» وقد بيّنا اختلاف حرف الإعراب فيهما ؛ فلا يقاس أحدهما على الآخر ، وإن ادّعوا أن حرف الإعراب فيهما واحد ـ على خلاف التحقيق من مذهبهم ـ وزعموا أن الحرف للإعراب وليس بلام الكلمة ، وأنه والحركة مزيدان للإعراب ، فقد بيّنا أن ذلك لا نظير له في كلامهم ، وأن أحدهما زيادة بغير فائدة ، وأوضحنا فساده بما يغني عن الإعادة.
وأما قولهم «تغيّر الحركات على الباء في حال الرفع والنصب والجر يدلّ على أنها حركات إعراب» قلنا : هذا لا يدل على أنها حركات إعراب ؛ لأنها إنما تغيرت توطئة للحروف التي بعدها ؛ لأنها من جنسها ، كما قلنا في الجمع السالم نحو «مسلمون ومسلمين» فإن ضمة الميم في الرفع تتغير إلى الكسرة في حال الجر والنصب ، وليس ذلك بإعراب ، وإنما جعلت الضمة توطئة للواو ، والكسرة توطئة للياء ، فكذلك هاهنا ، وإذا بطل أن تكون هذه الحركات حركات إعراب ، وأجمعنا على أن هذه الحروف ـ التي في الواو والألف والياء ـ تدل على الرفع والنصب والجر الذي هو جملة الإعراب ؛ فلا حاجة إلى أن يكون معربا من مكان آخر.
وأما قولهم «إنما أعربت هذه الأسماء الستة من مكانين لقلة حروفها» قلنا : هذا ينتقض بغد ويد ودم ؛ فإنها قليلة الحروف [و] لا تعرب في حال الإضافة إلا من مكان واحد.
وأما قولهم «ليزيدوا بالإعراب في الإيضاح والبيان» قلنا : الإيضاح والبيان قد حصل بإعراب واحد ، فصار الإعراب الزائد لغير فائدة ، والحكم لا يزيد شيئا لغير فائدة ؛ فوجب أن تكون معربة من مكان واحد كسائر ما أعرب من الكلام ، والله أعلم.