أراد «ابن حارثة» وقال الآخر :
[٢٢٦] أبو حنش يؤرّقني ، وطلق |
|
وعمّار ، وآونه أثالا |
أراد «أثالة». وزعم المبرّد أنه ليس في العرب أثالة ، وإنما هو أثال. ونصبه على تقدير : يذكرني آونة أثالا ، وقيل : نصبه لأنه عطفه على الياء والنون في «يؤرقني» كأنه قال : يؤرّقني وأثالا ، وقال بعض بني عبس :
[٢٢٧] أرقّ لأرحام أراها قريبة |
|
لحار بن كعب لا لجرم وراسب |
أراد «لحارث بن كعب» وعبس والحارث بن كعب بن ضبّة إخوة فيما
______________________________________________________
[٢٢٦] هذا البيت من كلام عمرو بن أحمر ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٣٤٣) والأشموني (رقم ٣٣٩) وابن عقيل (رقم ١٣١) وقد استشهد به أبو الفتح بن جني في الخصائص (٢ / ٣٧٨) وانظر العيني (٢ / ٤٢١ بهامش الخزانة) و «أبو حنش ، وطلق ، وعمار» جماعة من قومه كانوا قد لحقوا بالشام ؛ فصار يراهم في النوم إذا أتى عليه الليل ، ورواه ابن جني «وعباد» في مكان «عمار» ومحل الاستشهاد هنا بهذا البيت قوله «أثالا» فإن أصله «أثالة» بالتاء فرخمه بحذف هذه التاء في غير النداء ، وأبقى الحرف الذي قبل التاء على حركته التي كانت عليها قبل الترخيم ـ وهي الفتحة ـ على لغة من ينتظر الحرف المحذوف ، وهو نظير ما ذكرناه في شرح الشاهد السابق (٢٢٥).
[٢٢٧] أرق : أعطف ، والأرحام : جمع رحم ، وهو في الأصل القرابة من جهة النساء ، وقد يراد به القرابة مطلقا ، وجرم ـ بفتح الجيم وسكون الراء المهملة ـ قبيلة من قضاعة ، وهي جرم بن ربان ، وفي العرب بنو راسب بن الخزرج بن حرة بن جرم بن ربان ، وبنو راسب بن الحارث بن عبد الله بن الأزد ، وبنو راسب بن ميدعان الذين منهم عبد الله بن وهب الراسبي الذي كان على رأس الخوارج في يوم النهروان ، ومحل الشاهد في البيت قوله «لحار بن كعب» فإن أصل الكلام لحارث بن كعب ، فرخم حارث بحذف الثاء التي هي آخره وإن لم يكن منادى ، وأبقى الحرف الذي قبل الثاء ـ وهو الراء ـ على حركته التي كان عليها قبل الترخيم ، وهي الكسرة ، على نحو ما قررناه في شرح الشواهد السابقة.
ومن هذه الشواهد المتعددة تعلم أن الذي وقع من العرب في أشعارها من ترخيم غير المنادى قد جاء على طريقين : أحدهما أن يبقى الحرف الذي قبل المحذوف على ما كان عليه قبل الحذف ويسمى هذا لغة من ينتظر ، والثاني أن يحرك الحرف الذي قبل الحرف المحذوف ، بالحركة التي يقتضيها العامل ، ويعتبر كأنه آخر الكلمة حقيقة ، ويسمى هذا لغة من لا ينتظر أو لغة الاستقلال ، وقد قبل سيبويه الوجهين جميعا نظرا منه إلى ما ورد عن العرب ، وأما أبو العباس المبرد فكان لا يقبل إلا ما جاء على لغة من لا ينتظر الحرف المحذوف ، وهي لغة الاستقلال ، وكان يرد ما جاء على غير هذا الوجه ، قال رضي الدين (١ / ١٣٦) «ويجوز ترخيم غير المنادى للضرورة ، وإن خلا من تأنيث وعلمية ، على تقدير الاستقلال كان أو على نية المحذوف ، عند سيبويه ، والمبرد يوجب تقدير الاستقلال» اه.