فخفض «لاه» بتقدير اللام ، كأنه قال : لله ابن عمّك ، وقال الآخر :
أجدّك لست الدّهر رائي رامة |
|
ولا عاقل إلّا وأنت جنيب (١) [١١٦] |
ولا مصعد في المصعدين لمنعج |
|
ولا هابط ما عنت هضب شطيب |
فخفض على تقدير الباء ، كأنه قال «بمصعد» (٢) ، وقال الآخر :
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا [١١٥] |
وقال الآخر ، وهو الفرزدق :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلّا ببين غرابها [١١٧] |
فخفض «ناعب» بإضمار حرف الخفض ، وقال الفرزدق أيضا :
[٢٥٦] وما زرت سلمى أن تكون حبيبة |
|
إليّ ، ولا دين بها أنا طالبه |
______________________________________________________
«أفضلت» زدت في المنزلة ، والديان : الذي يملك الأمر ويتصرف فيه على مشيئته ، وتخزوني : تذلني وتقهرني ، ومحل الاستشهاد ههنا بهذا البيت قوله «لاه ابن عمك» واعلم أولا أن العرب تقول : لله أنت ، ولله درك ، ولله ابن عمك بثلاث لامات أولها لام الجرّ وثانيها لام التعريف وثالثها فاء الكلمة على أن لفظ الجلالة مأخوذ من ل ي ه أو عين الكلمة على أن اللفظ الكريم مأخوذ من أ ل ه ، هذا هو الأصل في الاستعمال العربي ، وربما قالوا «لاه أبوك» و «لاه ابن عمك» بلام واحدة فيحذفون لامين ، وقد اختلف النحاة في اللام الباقية ، فذهب سيبويه إلى أن الباقية هي اللام التي من أصل الكلمة والمحذوف لام الجر ولام التعريف ، وهذا هو الذي أراده المؤلف ، وذهب أبو العباس المبرد إلى أن الباقي هو لام الجر ، وقد حذف لام التعريف واللام التي من أصل الكلمة ، وقد فصلنا مقالة الشيخين واستدللنا للمذهبين وبيّنا أرجحهما في شرحنا على شرح الأشموني (٣ / ٢٨٦) فانظره ، وانظر المراجع التي أشرنا إليها في تخريج هذا الشاهد هنا.
[٢٥٦] هذا البيت من قصيدة للفرزدق يمدح فيها المطلب بن عبد الله المخزومي ، وهو من شواهد الأشموني (رقم ٤٠١) أنشده في باب تعدي الفعل وفي باب حروف الجرّ ، وأنشده شيخ النحاة سيبويه (١ / ٤١٨) وابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٧٨٧) وقوله «أن تكون حبيبة» المصدر المنسبك من أن المصدرية وما بعدها مفعول لأجله ، فأصله مجرور باللام الدالة على التعليل ، وأصل الكلام : لأن تكون حبيبة ، ثم حذفت اللام لأن حرف الجر يكثر حذفه قبل أن المصدرية وأن المؤكدة ، وقد اختلف العلماء في المصدر المنسبك بعد حذف حرف الجر : أهو مجرور بذلك الحرف المحذوف ، أم أنه انتصب على التوسع بعد حذف حرف الجر؟ فأما الذين ذهبوا إلى أن المصدر مجرور بذلك الحرف المحذوف
__________________
(١) في هذين البيتين الإقواء كما هو ظاهر.
(٢) الأولى أن يقول «كأنه قال برائي رامة» وهذا هو جر المعطوف على خبر ليس المنصوب بتوهم أنه قد دخلت الباء الزائدة على الخبر.