كان مختصّا ، ولكن لا نسلم أن لو لا غير مختص. قولهم «إنه يدخل على الفعل كما يدخل على الاسم ، كما قال الشاعر :
* لولا حددت ولا عذرى لمحدود* [٣٤]
فأدخلها على الفعل» قلنا : لو التي في هذا البيت ليست مركبة مع «لا» كما هي مركبة مع لا في قولك «لو لا زيد لأكرمتك» وإنما لو حرف باق على أصله من الدلالة على امتناع الشيء لامتناع غيره ، و «لا» معها بمعنى لم ؛ لأن لا مع الماضي بمنزلة لم مع المستقبل ، فكأنه قال : قد رميتهم لو لم أحد ، وهذا كقوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البلد : ١١] أي : لم يقتحم العقبة ، وكقوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) [القيامة : ٣١] أي : لم يصدّق ولم يصلّ ، وكقول الشاعر :
[٣٧] إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا |
|
وأيّ عبد لك لا ألمّا |
______________________________________________________
[٣٧] أنشد هذا البيت ابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٤٠٦) وقال قبل إنشاده «وقال أبو خراش الهذلي وهو يطوف بالبيت» وأنشده ابن منظور (ل م م) ونسبه إلى أمية بن أبي الصلت ، ثم قال «قال ابن بري : الشعر لأمية بن أبي الصلت ، قال : وذكر عبد الرحمن عن عمه (الأصمعي) عن يعقوب عن مسلم بن أبي طرفة الهذلي ، قال : مرّ أبو خراش يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول :
لا هم هذا خامس إن تما |
|
أتمه الله ، وقد أتما |
إن تغفر اللهم تغفر جما |
|
وأي عبد لك لا ألما» اه |
وتقول «ألم الرجل» إذا أتى بصغار الذنوب ، مأخوذ من اللمم وهو صغار الذنوب ، والاستشهاد بالبيت في قوله «لا ألما» فإن المؤلف زعم أن لا في هذا البيت بمعنى لم ، والماضي بمعنى المضارع ، وكأن الشاعر قد قال «وأي عبد لك لم يأت بصغار الذنوب» ، والسر في ذلك هو أن النحاة يرون أن النافية إذا دخلت على فعل ماض لفظا ومعنى وجب تكرارها ، مثل ما في قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) ومثل ما جاء في الحديث «فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» ومثل قول الهذلي «كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ، ولا نطق ولا استهل» :
فإن كان الفعل ماضي اللفظ دون المعنى لم يجب التكرار ، نحو قول الشاعر :
حسب المحبين في الدنيا عذابهم |
|
تالله لاعذبتهم بعدها سقر |
فإن عذاب سقر مستقبل لا سابق ، ومن هذا الباب فعل الدعاء نحو قولهم «لا فض الله فاك» وقول الشاعر :
لا بارك الله في الغواني! هل |
|
يبتن إلا لهن مطلب؟ |
فلما ورد على النحاة بيت الشاهد والبيت الذي يليه (رقم ٣٨) وقول السفاح ابن بكير اليربوعي :
من يك لاساء فقد ساءني |
|
ترك أبينيك إلى غير راع |