(ألا يا اسجدوا لله) أراد يا هؤلاء اسجدوا ، وكما قال الأخطل :
[٥١] ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر |
|
وإن كان حيّانا عدّى آخر الدّهر |
وقال الآخر ، وهو ذو الرّمّة :
[٥٢] ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى |
|
ولا زال منهلّا بجرعائك القطر |
______________________________________________________
[٥١] هذا البيت كما قال المؤلف من كلام الأخطل التغلبي ، واسمه غياث بن الغوث ، وقد أنشده ابن منظور (ع د ى) ونسبه إليه ، وقوله «عدى» أراد به متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف ، وقد روي في بيت الأخطل هذا اللفظ بكسر العين وبضمها ، وأنكر الأصمعي الضم إلا أن تقول «عداة» بالتاء في آخره ، وقوله «آخر الدهر» منصوب على تقدير نزع الخافض ، وأصله إلى آخر الدهر ، فحذف الحرف وأوصل الاسم الذي يشبه الفعل إلى المجرور فنصبه ، والاستشهاد بالبيت في قوله «ألا يا اسلمي» فإن الفريقين الكوفيين والبصريين متفقون على أن «يا» حرف نداء ، وعلى أن حرف النداء مما يختص بالدخول على الاسم ، وقد دخل في هذا البيت على ما هو فعل أمر بالاتفاق ، فوجب أن يكون التقدير دخوله على اسم محذوف ، وكأنه قد قال : ألا يا هند ، اسلمي ، يا هند هند بني بكر ، ونظير ذلك مما لم ينشده المؤلف قول الآخر :
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد |
|
وذات الثنايا الغر والفاحم الجعد |
وقول الكوفيين «إن هذا خاص بما إذا وقع بعد حرف النداء فعل أمر» غير صحيح فقد دخلت «يا» في اللفظ على أفعال غير فعل الأمر ، وعلى الحرف أيضا ، نحو قول الراجز :
يا ليتني وأنت يا لميس |
|
في بلدة ليس بها أنيس |
وقول الآخر :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
وقول الآخر :
يا ليت أنا ضمنا سفينه |
|
حتى يعود الوصل كينونه |
وقول الآخر :
يا رب مثلك في النساء غريرة |
|
بيضاء قد متعتها بطلاق |
وقد ورد مثل ذلك في أفصح الكلام ، فمن دخول «يا» على فعل الأمر قول الله تعالى : ألا يا اسجدوا لله ومن دخول «يا» على الحرف قوله سبحانه : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) وقوله : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ) وقوله : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) وقوله : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ).
[٥٢] هذا البيت من كلام ذي الرمة ، واسمه غيلان بن عقبة ، وهو من شواهد الأشموني (رقم ١١) وابن هشام في المغني (رقم ٤٠٢) وفي أوضح المسالك (رقم ٨٢) وابن عقيل (رقم ٦٢) والبلى ـ بكسر الباء مقصورا ـ مصدر بلي الثوب ونحوه يبلى بلاء وبلى ؛ إذا رث وقدم ، ومنهلا : اسم الفاعل من قولك انهل المطر ، أي انسكب وانصب ، والجرعاء : رملة مستوية لا تنبت شيئا ، والقطر : المطر ، والاستشهاد به في قوله «يا اسلمي» حيث دخل