وقال الآخر ، وهو المرقّش :
[٥٣] ألا يا اسلمي لا صرم لي اليوم فاطما |
|
ولا أبدا ما دام وصلك دائما |
وقال الآخر :
[٥٤] ألا يا اسلمي قبل الفراق ظعينا |
|
تحيّة من أمسى إليك حزينا |
وقال الآخر ، وهو الكميت :
[٥٥] ألا يا اسلمي يا ترب أسماء من ترب |
|
ألا يا اسلمي حيّيت عنّي وعن صحبي |
______________________________________________________
حرف النداء في اللفظ على الفعل المتفق على فعليته ، ولم يخرجه ذلك عن الفعلية ؛ لأن الكلام على تقدير اسم يدخل يا عليه ، وأصل الكلام : ألا يا دار مية اسلمي دارمي ـ الخ ، وهو نظير ما ذكرناه في شرح الشاهد السابق.
[٥٣] هذا البيت كما قال المؤلف للمرقش ، والصرم ـ بالفتح وبالضم أيضا ـ الهجران والقطيعة وبت أواصر المحبة والألفة ، و «فاطما» أراد يا فاطمة ، فحذف حرف النداء ورخم المنادى بحذف التاء ، والاستشهاد به في قوله «ألا يا اسلمي» حيث دخل حرف النداء ـ وهو «يا» ـ في اللفظ على فعل متفق على فعليته ، وقد اتفق الفريقان على أن حرف النداء مما يختص به الاسم. فلزمهم أن يقدروا اسما يكون حرف النداء داخلا عليه ، وأصل الكلام : ألا يا فاطمة اسلمي لا صرم لي ـ الخ ، وهذا مما يؤنس بأن يكون قول حسان بن ثابت «ألست بنعم الجار» الذي استدل به الكوفيون على أن نعم اسم ـ ليس مما يصح التمسك به ؛ لأن الباء داخلة على اسم مقدر ، وأصل الكلام : ألست بجار مقول فيه نعم الجار ، على ما قررناه سابقا.
[٥٤] لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وظعين : أراد يا ظعينة ، فحذف حرف النداء ورخم الاسم المنادى بحذف التاء ، وجاء به على لغة من ينتظر الحرف المحذوف فأبقى فتحة النون التي كانت لها قبل الحذف ، وهذه الألف للإطلاق ، والظعينة : المرأة ما دامت في الهودج ، وقد تطلق على المرأة مطلقا ، وتحية : يجوز فيه النصب على أن يكون مفعولا مطلقا عامله محذوف يدل عليه سابق الكلام ، وكأنه قال : أحييك تحية ، ويجوز فيه الرفع على أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وكأنه قال : هذه تحية ـ الخ ، والاستشهاد به في قوله «يا اسلمي» حيث اقترن حرف النداء ـ وهو «يا» ـ بكلمة وقع الإجماع على أنها فعل ؛ فدل على أن اقتران حرف النداء في اللفظ بكلمة ما لا يقطع بأنها اسم ، ويكون نظير ذلك أن اقتران حرف الجر بالكلمة لا يدل دلالة قاطعة على أن هذه الكلمة اسم ؛ لجواز أن يكون مدخول حرف الجر محذوفا من اللفظ ، كما أن مدخول حرف النداء في هذا البيت محذوف.
[٥٥] هذا البيت ـ كما قال المؤلف ـ من كلام الكميت بن زيد الأسدي ، والترب ـ بكسر التاء وسكون الراء ـ الذي يساويك في سنك. والاستشهاد بالبيت في قوله «يا اسلمي» والقول فيه كالقول في الأبيات السابقة.