الفاجر ثم أكون على قَفَّانه».
قال أبو عبيد : يقول : أكون على تتبُّع أموره حتى أستقْصِيَ علمَه وأعرِفَه.
قال : وقال الأصمعيّ : قفّان كلّ شيء : جِماعُه واستقصاء معرفته.
قال أبو عبيد : ولا أحسب هذه الكلمة عربية ، وإنما أصلها قَبان.
ومنه قول العامّة : فلانٌ قَبّان على فلان : إذا كان بمنزلة الأمين عليه والرئيسِ الذي يتتبَّع أمره ويحاسِبُه. وبهذا سمِّي هذا الميزان الذي يقال له القَبّان وقد مضى هذا فيما تقدم من الكتاب.
وحِمار قَبّانَ : دُوَيْبَّة معروفة.
ومنه قوله :
يا عجباً لقد رأيت عَجَبا |
حِمارَ قَبّانٍ يَسوقُ أرنَبا |
|
خاطِمَها أمَّها أن تذهبا
نقب : قال الله جلّ وعزّ : (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) [ق : ٣٦].
قال الفراء : قرأ القُرّاء : (فَنَقَّبُوا) مشدداً يقول : خَرَقوا البلادَ فساروا فيها فهل كان لهم مَحيصٌ من الموت.
قال : ومن قرأ : (فنَقِّبُوا) بكسر القاف فإنه كالوعيد ، أي : اذهبوا في البلاد وجيئوا.
وقال الزّجاج : نقّبوا : طَوَّقوا وفَتَّشُوا.
قال : وقرأَ الحسن : (فَنَقَبُوا) بالتخفيف.
وقال امرؤ القيس :
وقد نقّبتُ في الآفاق حتى |
رَضِيتُ من السلامة بالإياب |
أي : ضَربتُ في البلاد ، أقبلتُ وأدْبَرْتُ.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢].
قال أبو إسحاق : النَّقيب في اللُّغة كالأمين والكَفيل. ونحن نبيِّن حقيقته واشتقاقه.
يقال : نَقَب الرجلُ على القوم ينقُب نِقابةً فهو نَقِيب.
قال أبو زيد : وما كان الرجل نقيباً ولقد نَقُب. وفي فلانٍ مَناقبُ جميلة ، أي : أخلاق. وهو حَسَنُ النقيبةِ ، أي : حَسَن الخليقة. وإنما قيل للنقيب نقيبٌ لأنه يَعلَم دَخِيلَةَ القوم ويعرِف مناقبَهم ، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم.
وهذا الباب كلُّه أصله التأثير الذي له عُمْق ودُخول.
ومن ذلك يقال : نَقَبْتُ الحائط ، أي : بَلغتُ في النَّقب آخرَه. والنَّقْب في الجبل : الطريق.
ويقال : كلبٌ نَقيب ، وهو أن يُنْقَب حَنجرةُ الكلْب لئلَّا يرتفع صوتُ نُباحه ، وإنما يَفعل ذلك البخلاءُ من العرب لئلَّا يطرُقَهم ضَيف باستماع نُباح الكلاب.
وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «لا يُعدِي شيء شيئاً» ، فقال أَعرابيّ : إنَ النُّقْبة قد تكون بمِشْفَر البعير أَو بذَنبِه في الإبل