خروجاً من الغمَّى إذا صُكَّ صَكّةً |
بدا والعيونُ المستكِفّةُ تَلْمَحُ |
يقال : استكفّتْ عينُه : إذا نظرت تحت الكفّ. واستكفّت الْحَيَّةُ : إذا ترحّت كالكِفّة ، واستكفّ به الناسُ : إذا عصَبوا به.
وفي كتاب النبي صلىاللهعليهوسلم بالحديبيَة لأهل مكة : «وإنّ بيننا وبينهم عيبةً مكوفَة» أراد بالمكفوفة التي أشرِجت على ما فيها ، وضربَها مثلاً للصُّدور أنها نقيَّة من الغِلّ والغِشّ فيما كتبوا من الصُّلح والهُدنة.
والعربُ تشبِّه الصُّدورَ التي فيها القلوبُ بالعياب التي تُشرَج على حُرِّ الثِّياب وفاخر المتاع ، فجعل النبيُّ صلىاللهعليهوسلم العِيابَ المُشْرجَة على ما فيها مثلاً لقلوبٍ طويت على ما تعاقدوا.
ومنه قولُ الشاعر :
وكادت عيابُ الوُدِّ بيني وبينكم |
وإن قيل أبناءُ العمومةِ تَصْفَرُ |
فجعلَ الصُّدورَ عياباً للودّ.
وقال أبو سعيد في قوله : وإنّ بيننا وبينهم عيبةً مكفوفة ، معناه : أن يكون الشرُّ عيبةً مكفوفة ، معناه : أن يكون الشرُّ مكفوفاً كما تُكفُ العَيبةُ إذا أشرِجَتْ على ما فيها من متاع. كذلك الذُّحول التي كانت بينهم قد اصطلحوا على أن لا ينشُروها ، ويتكافُّون عنهم ، كأنهم قد جعلوها في وعاء وأشرجوا عليها.
وقال الليث : كففتُ فلاناً عن السُّوء فكفَ يكفُ كفّاً ، سواءٌ لفظ اللازم والمجاوز.
قال : والمكفوف في علل العروض مَفاعيلُ كان أصله مفاعيلن ، فلمّا ذهبَ النّون قال الخليل : هو مكفوف.
قال : وكفاف الثَّوب : نواحيه. ويكُفُ الدِّخريض : إذا كُفَ بعد خياطته مرّة.
قال : والكفكة : كفُّك الشيءَ ، أي : ردُّك الشيء عن الشيء.
قال : وكفكفتُ دمعَ العين.
قال أبو منصور : وقد تكفكَف ، وأصله عندي من وكف يكِف. وهذا كقولك : لا تعِظيني وتعظعظي. وقالوا : خضخضتُ الشيءَ في الماء ، وأصله من خضت.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : كفكف : إذا رفَق بغريمه أو ردّ عنه من يؤذيه.
وقال شمِر : يقال : نفقةُ فلانٍ الكفَاف ، أي : لا فضلَ عِنده ، إنما عنده ما يكفُ وجهَه عن الناس.
ورُوي عن الحسن أنه قال : «ابدأْ بمن تَعُول ولا تُلام على كَفاف» ، يقول : إذا لم يكن عندك فضلٌ لم تُلَم على ألَّا تُعطِيَ.
ويقال : تكفّف واستكف : إذا أخذ الشيءَ بكفّه.
وقال الكميت :
ولا تطعموا فيها يداً مُستكِفَّةً |
لغيركم لو يستطيع انتشالها |