ومنه قول لبيد :
حَمَلَتْ فمنها مُوقَرٌ مكمومُ
وفي حديث النُّعمان بن مقرّن أنه قال يوم نهاوَند : ألَا إني هازٌّ لكم الراية ، فإذا هززتُها فليثبِ الرجالُ إلى أكِمة خيولها ويقرِّطوها أعنَّتَها ، أراد بأكمة الخيول مَخَاليَها المعلقة على رؤوسها وفيها علفُها. أمرهم بنزْعها من رأسها وإلجامها بلجمها ، وذلك تقريطُها.
وقال ابن شميل عن اليماميّ : كممتُ الأرضَ كَمّاً ، وذلك إذا أثَارها ثمَّ عَفَّى آثارَ السنِّ في الأرض بالخشَبة العريضة التي تزلِّقها ، فيقال : أرض مكمومة.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : كممتُ رأسَ الدَّنِّ ، أي : سددته وطيّنته.
وقال الأخطل :
كُمَّتْ ثلاثةَ أحوالٍ بطِينتها
وقيل : كُمَّتْ ، أي : غطِّيت ، وأصل الكَمِ التَّغطية.
وفي حديث عمر أنه رأى جاريةً متكمكمةً فضربَها بالدِّرّة وقال : أتَشَبَّهين بالحرائر!.
قال أبو عبيد : أراد بالمتكمكمة المتكمِّمة ، وأصله من الكُمة ، وهو القَلَنسُوة ، فشبّه قِناعَها بها.
وقال أبو تراب : المِغَمة والمِكمة : شيءٌ يوضع على أنف الحمار كالكِيس ؛ وكذا الغِمامة والكمامة.
وقال ابنُ الأعرابيّ : كُمَ : إذا غُطِّيَ ، وكَمَ : إذا قتل الشُّجعان.
أنشد الفراء :
بل لو شَهدتَ الناسَ إذْ تُكمُّوا |
بغُمةٍ لو لم تُفرَّج غُموا |
قوله : تُكمُوا ، أي : ألبِسوا غُمةً كمُوا بها.
والكَمُ : قمع الشيء وستْره ، ومنه : كمَّيتُ الشهادةَ : إذا قمعتَها وسترتَها. والغُمَّة ما غطّاك من شيءِ. المعنى : بل لو شهدتَ.
الأصل تكممْت ، مثل : تقصَّيت ، والأصل تقصصتُ.
مك : مكة معروفة ، وقد مرّ تفسيرها. وقيل : إنها سمّيت مكة لأنها تَمُكُ مَن ألحدَ فيها.
وقال الراجز :
يا مكةُ الفاجرَ مُكِّي مَكّا |
ولا تمُكِّي مَذحِجاً وعَكَّا |
وسمعت كلابيّاً يقول لرجل يعنِّته : قد مَككتَ روحي! أراد أنّه أحرجَه بلجاجِه فيما أشكاه.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا تمككوا غرماءكم» ، يقول : لا تُلحُّوا عليهم إلحاحاً يضرُّ بمعايشهم ولا تأخذوهم على عُسرة وأَنظروهم إلى ميسرتهم. وأصل هذا مأخوذ من مكَ الفصيلُ ما في ضَرع الناقة وامتكَّه ، إذا لم يُبق فيه من اللَّبنِ شيئاً.
والمَكُ : مَصُّ الثدي. ومنه قيل للرجُل