وقيل : كرمٌ بسكُونِ الرَّاء لأنَّهُ خُفِّف عن لفظة كَرَمٍ لما كثر في الكلام. فقيل : كَرْمٌ كما قال امرؤُ القيس :
نَزَلْتُ عَلَى عمْرِو بْنِ دَرْعَاءَ بُلْطَةً |
فَيَا كَرْمَ ما جارٍ ويا كَرْمَ ما محلْ |
أراد : يا كَرَم جارٍ ، وما صِلةٌ.
ونهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن تسميته بهذا الاسم لأنه يُعتْصرُ منه المسكِر المنْهيُّ عن شُرْبه وأنه يغير عَقْلَ شاربه ، ويوقعْ بين شَرْبه العداوةَ والبغْضَاءَ.
فقال : الرجُلُ المسلم أَحقُّ بهذه الصِّفة من هذه الشجرة التي يؤدي ما يُعْتَصر من ثمرها إلى الأخْلاق الذَّميمة اللئيمة.
قال أبو بكر : يسمى الكَرْمُ كرْماً لأن الخمر المتخذ منه يحث على السخاء والكرم ويأمر بمكارم الأخلاق فاشتقوا له اسماً من الكرم للكرم الذي يتولد منه فكره النبي صلىاللهعليهوآله أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم ، وجعل المرء المؤمن أولى بهذا الاسم الحسن ، وأنشد :
والخَمْرُ مشتقَّة المعنى من الكرَمِ
ولذلك سموا الخمر راحاً لأن شاربها يرتاح للعطاء أي يخف.
قال : ويقال للكرم : الجَفْنَة والحَبَلة ، والزَّرَجُون.
وقال الليث يقال : رَجلٌ كريمٌ ، وقوم كرم كما قالوا : أَدِيم وأَدَم ـ وعمود وعمَدٌ ، وأنشد :
وأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الجَواري |
فتنبوا العيْنُ عن كرمٍ عِجافِ |
(قلت) : والنحويون يأبون ما قال الليث.
ويقولون : رجلٌ كَرِيمٌ وقومٌ كِرامٌ.
كما يقال : صغيرٌ وصِغَارٌ ، وكبيرٌ وكِبارٌ.
ولكن يقال : رَجُلٌ كَرَمٌ ، ورِجَالٌ كَرمٌ أي ذَوُو كَرَم ، ونساءٌ كَرَم أي ذَوَات كَرَمٍ.
كما يُقالُ : رجُلٌ عَدْلٌ ، وقومٌ عدلٌ ، ورَجْلٌ حَرَضٌ ، وقومٌ حرضٌ ، ورَجلٌ دَنَفٌ وقومٌ دنفٌ.
وقال أبو عبيد وابن السكيت وهو قول الفراء : رجلٌ كَرِيمٌ ، وكُرَامٌ ، وكُرَّامٌ ، بمعنى واحد.
قالوا : وكُرَامٌ : أبلغُ في الوصفِ من كريمٍ ، وكُرَّامٌ بالتشديد ، أبلغ من كُرَامٍ.
وكذلك : رجلٌ كبيرٌ وكبَارٌ وكُبَّارٌ وظريفٌ وظُراف وظُرَّافٌ.
وقال الليث : يُقال : تكرَّمَ فلانٌ عما يشينه إذا تَنَزَّه ، وأكرَمَ نفسه عن الشَّائِنَات والكَرَامةُ : اسمٌ يوضعُ موضع الإكرامِ ، كما وُضعت الطاعةُ موضع الإطاعة ، والغارةُ موضعَ الإغارة.
والكَرْمَةُ : الطاقةُ الواحدة من الكَرْم.