وقال الفراء : مَكْرُمٌ : جَمْعُ مَكْرُمَة وكذلك مَعُونٌ : جَمْعُ مَعُونَةٍ ، وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله يقول : إذا أنا أَخَذْتُ من عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وهو بهما ضَنِينٌ فصَبَرَ لي لم أرْضَ له بِهمَا ثَوَاباً دُونَ الجَنَّةِ».
ورواه بعضهم : إذا أَخذْتُ من عبدي كَرِيمَتَهُ.
وقال شمر : قال إسحاق بنُ مَنْصُورٍ : قال بعضهم : يُرِيدُ أَهله ، وبعضُهم يقول : عَيْنَه ، قال : ومن رواهُ كَرِيمَتَيْهِ فهما : العينانِ.
قال شمر : كلُّ شَيْءٍ يَكْرُمُ عليك فهو كَرِيمُكَ وكَرِيمَتُكَ ، قال : والكَرِيمَةُ : الرجُلُ الحَسيبُ ، تقول : هو كَرِيمَة قَوْمِهِ.
وأنشد :
وأَرَى كَرِيمَكَ لا كُرِيمةَ دُونَهُ |
وأَرَى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوَادِ |
أراد من يَكْرُمُ عليك لا تَدَّخِرُ عنه شيئاً يَكْرُمُ عليك.
وفي حديث آخره : «إذا أَتَاكُمْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ» أي كرِيمُ قومٍ. وقال صَخْرُ بنُ عمرو :
أَبَى الفَحْرَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي |
وأَنْ ليسَ إِهْدَاءُ الخَنَا من شِمَالِيَا |
يعني بقوله كَرِيمَتِي : أخَاه معاوية بن عمرو – وأما الحديثُ الآخرُ «خيْرُ الناسِ يَوْمَئذٍ مُؤمِنٌ بَيْنَ كَرِيمْينِ» فإنَّ بعضهم قال هما الحَجُّ والجِهَادُ ، وقيل أراد بين فَرَسَيْنِ يَغْزُو عليهما.
وقيل بين أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ كَرِيميْنِ.
ويقال : هذا رجُلٌ كَرَمٌ أَبوهُ وكرمٌ آباؤُهُ ، وقول الله جل وعز : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [النساء : ٣١] قالوا حَسَناً وهو الجَنَّةُ ، وقوله : (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء : ٢٣] أي ليناً سهلاً إكراماً لهما ، وقوله : (هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) [الإسراء : ٦٢] أي فضَّلتَ ، وقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون : ١١٦] أي العظيم.
وقوله : (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٤٠] أي عظيم مفضل وقوله : (وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) [الأحزاب : ٣١] أي كثيراً.
مكر : قال الليث : المكْرُ : احتيالٌ في خُفْيَة ، قال : وسمعنا أنَّ الكَيْدَ في الحربِ حلالٌ ، والمَكْرُ في كلِّ حالٍ حرامٌ.
وقال الله جل وعز : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠)) [النمل : ٥٠].
قال غير واحدٍ من أهلِ العلم بالتأويلِ : المَكْرُ من الله : جَزَاءٌ ، سُمِّيَ باسم مَكْرِ المُجَازَى كما قال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) [الشورى : ٤٠] ، فالثانية ليستْ بسيّئة في الحقيقة ، ولكنها سمّيت سَيِّئة للجَزَاء ، وكذلك قوله جل وعز : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البقرة : ١٩٤] ، فالأول : ظلمٌ