على مَكِناتِها» (يريد على أَمْكِنَتها) ومعناهُ : الطّيْرُ التي يُزْجَرُ بها.
يقولُ : لا تزْجُرُوا الطّيْرَ ولا تَلْتَفِتُوا إليها أَقِرُّوها على مَوَاضِعها التي جعلها اللهُ بها أي أنها لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ.
وقال شمرٌ : الصَّحِيحُ من قوله : «أَقِرُّوا الطيْرَ على مَكِنَاتِها» أنها جَمْعُ المَكِنَة ، والمكِنَةُ : التَّمكُّنُ ، تقول العربُ : إنَّ بَنِي فُلانٍ لَذُو مَكِنَةٍ منَ السُّلطانِ أي ذُو تمكُّنٍ ، فيقولُ : أَقِرُّوا الطّيْرَ على مكِنَةٍ ترَوْنها عليها ودَعُوا التَّطيُّرَ منها ، قال : وهي مِثْلُ التَّبِعَةِ من التَّتَبُّع والطَّلِبَةِ منَ التَّطَلُّبِ.
قال : وقول الله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) [الأنعام : ١٣٥] أي : على ما أنتم عليه مُسْتَمْكِنُون.
قال شمرٌ : وقال ابن الأعرابي : الناسُ على سَكِنَاتِهمْ ، ونَزِلاتهمْ ، ومَكِنَاتِهم.
وقال الشافعيُّ في تفسير قوله : «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِها» معناه : أن أهلَ الجاهليةِ كان الرجلُ يخْرُجُ من بيْتِه في حاجَتِهِ فإِنْ رأَى طيراً في طريقِه طيَّرَه فإن أخذَ ذاتَ اليمينِ ذهب في حاجتِه ، وإن أَخَذ ذاتَ الشِّمالِ لم يَذهب.
(قلتُ) : وهذا هُوَ الصحيحُ ، وكان ابنُ عُيَيْنَة يذهبُ إليه ، والمكِنَاتُ بمعنى الأمكِنةِ على تأوِيلِها.
وقال الليث : مكان في أَصْلِ تَقْدِير الفعل (مَفْعَل) لأنه موضعٌ لِكَيْنُونَة الشيء فيه غيرَ أنه لما كثُرَ أَجْرَوْهُ في التصْريف مجْرى (فَعَال) فقالوا : مكَّنَّا له وقد تَمَكَّنَ وليس هذا بأَعْجَبَ من تَمْسكنَ من المسكِين ، قال : والدليلُ على أن مكان (مفعل) أن العربَ لا تقولُ : هو مِنِّي مكَانَ كذا وكذا بالنّصْبِ.
وقال غيره : أمكنني الأمرُ يُمْكِنُني فهو أَمْرٌ مُمكِنٌ : ولا يقالُ : أَنا أُمكِنُه بمعنى أَسْتطيعُه ، ويقالُ لا يُمكِنُكَ الصُّعُودُ إلى هذا الجبل ، ولا يقالُ : أنتَ تُمكِنُ الصُّعُودَ إليه.
(أبو عبيد عن الأصمعي): المَكْنَانُ : نَبْتٌ.
(قلت) : وهو من بُقُولِ الرَّبيعِ (الوَاحِدَةُ : مَكْنَانة).
وقال ذو الرمة :
وَبِالرَّوْضِ مَكْنَانٌ كأَنَّ حَدِيقَهُ |
زَرَابِيُّ وَشَّتْها أكُفُّ الصَّوَانِع |
وقال ابن الأعرابي : في قول الشاعر ، رواهُ عنه أحمدُ بن يحيى :
ومجَرَّ مُنْتَحَرِ الطَّلِيِّ تَنَاوَحَتْ |
فيه الظِّبَاءُ بِبَطنِ وَادٍ مُمْكِنِ |
قال : مُمكِن : يُنبِتُ المكْنَانَ.
ك ف ب ـ ك ف م : أهملت وجوهها.