يقول اشربوا في الظروف ولا تسكروا فقوله اشربوا في الظروف منصرف إلى ما كان حظره من الشرب في الأوعية فأباح الشرب منها بهذا الخبر ومعلوم أن مراده ما يسكر كثيره ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال اشربوا الماء ولا تسكروا إذا كان الماء لا يسكر بوجه ما فثبت أن مراده إباحة شرب قليل ما يسكره كثيره وأما ما روى عن الصحابة من شرب النبيذ الشديد فقد ذكرنا منه طرفا في كتاب الأشربة ونذكر هاهنا بعض ما روى فيه حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا حسين بن جعفر القتات قال حدثنا يزيد بن مهران الخباز قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبى حصين والأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قال كنا ندخل على عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فيسقينا النبيذ الشديد وحدثنا عبد الله بن الحسين الكرخي قال حدثنا أبو عون الفرضي قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا نعيم بن حماد قال كنا عند يحيى بن سعيد القطان بالكوفة وهو يحدثنا في تحريم النبيذ فجاء أبو بكر بن عياش حتى وقف عليه فقال أبو بكر أسكت يا صبي حدثنا الأعمش بن إبراهيم عن علقمة قال شربنا عند عبد الله بن مسعود نبيذا صلبا آخره يسكر وحدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون قال شهدت عمر بن الخطاب حين طعن وقد أتى بالنبيذ فشربه قال عجبنا من قول أبى بكر ليحيى أسكت يا صبي وروى إسرائيل عن أبى إسحاق عن الشعبي عن سعيد وعلقمة أن أعرابيا شرب من شراب عمر فجلده عمر الحد فقال الأعرابى إنما شربت من شرابك فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ثم شرب منه وقال من رابه من شرابه شيء فليكسره بالماء ورواه إبراهيم النخعي عن عمر نحوه وقال فيه إنه شرب منه بعد ما ضرب الأعرابى وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا المعمري قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب قال حدثنا عمر قال حدثني عطاء بن أبى ميمونة عن أنس بن مالك عن أم سليم وأبى طلحة أنهما كانا يشربان نبيذ الزبيب والتمر يخلطانه فقيل له يا أبا طلحة إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن هذا فقال إنما نهى عنه للعوز في ذلك الزمان كما نهى عن الإقران وما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا الباب كثير وقد ذكرنا منه طرفا في كتابنا الأشربة وكرهت التطويل بإعادته هنا وما روى عن أحد من الصحابة والتابعين تحريمه الأشربة التي يبيحها أصحابنا فيما نعلمه وإنما روى عنهم تحريم نقيع الزبيب والتمر وما لم يرد من العصير إلى الثلث إلى أن نشأ