وزعم الشافعى أن ما لا يؤكل من الصيد فلا جزاء على المحرم فيه قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) قال أبو بكر اختلف الناس في ذلك على ثلاثة أوجه فقال قائلون وهم الجمهور سواء قتله عمدا أو خطأ فعليه الجزاء وجعلوا فائدة تخصيصه العمد بالذكر في نسق التلاوة من قوله تعالى (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) وذلك يختص بالعمد دون الخطأ لأن المخطئ لا يجوز أن يلحقه الوعيد فحص العمد بالذكر وإن كان الخطأ والنسيان مثله ليصح رجوع الوعيد إليه وهو قول عمر وعثمان والحسن رواية وإبراهيم وفقهاء الأمصار والقول الثانى ما روى منصور عن قتادة عن رجل قد سماه عن ابن عباس أنه كان لا يرى في الخطأ شيئا وهو قول طاوس وعطاء وسالم والقاسم وأحد قولي مجاهد في رواية جابر الجعفي عنه والقول الثالث ما روى سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد ومن قتله منكم متعمدا قال إذا كان عامدا لقتله ناسيا لإحرامه فعليه الجزاء وإن كان ذاكرا لإحرامه عامدا لقتله فلا جزاء عليه وفي بعض الروايات قد فسدت حجه وعليه الهدى وقد روى عن الحسن نحو قول مجاهد في أن الجزاء إنما يجب إذا كان عامدا لقتله ناسيا لإحرامه والقول الأول هو الصحيح لأنه قد ثبت أن جنايات الإحرام لا يختلف فيها المعذور وغير المعذور في باب وجوب الفدية ألا ترى أن الله تعالى قد عذر المريض ومن به أذى من رأسه ولم يخلهما من إيجاب الكفارة وكذلك لا خلاف في فوات الحج لعذر أو غيره أنه غير مختلف الحكم ولما ثبت ذلك في جنايات الإحرام وكان الخطأ عذرا لم يكن مسقطا للجزاء فإن قال قائل لا يجوز عندكم إثبات الكفارات قياسا وليس في المخطئ نص في إيجاب الجزاء قيل له ليس هذا عندنا قياسا لأن النص قد ورد بالنهى عن قتل الصيد في قوله (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) وذلك عندنا يقتضى إيجاب البدل على متلفه كالنهى عن قتل صيد الآدمي أو إتلاف ماله يقتضى إيجاب البدل على متلفه فلما جرى الجزاء في هذا الوجه مجرى البدل وجعله الله مثلا للصيد اقتضى النهى عن قتله إيجاب بدل على متلفه ثم ذلك البدل يكون الجزاء بالاتفاق وأيضا فإنه لما ثبت استواء حال المعذور وغير المعذور في سائر جنايات الإحرام كان مفهوما من ظاهر النهى تساوى حال العامد والمخطئ وليس ذلك عندنا قياسا كما أن حكمنا في غير بريرة بما حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم في بريرة ليس بقياس وكذلك حكمنا في العصفور بحكم الفأرة وحكمنا في الزيت بحكم السمن إذا مات فيه ليس