نسخ شهادة أهل الذمة على المسلمين في السفر وفي الحضر أو في الوصية وغيرها فانتظمت الآية جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم ومن حيث دلت على جوازها على وصية المسلم في السفر فهي دالة أيضا على وصية الذمي ثم نسخ فيها جوازها على وصية المسلم بآية الدين وبقي حكمها على الذمي في السفر وغيره إذ كانت حالة السفر والحضر سواء في حكم الشهادات وعلى جواز شهادة الوصيين على وصية الميت لأن في التفسير أن الميت أوصى إليهما وأنهما شهدا على وصيته ودلت على أن القول قول الوصي فيما في يده للميت مع يمينه لأنهما على ذلك استحلفا ودلت على أن دعواهما شرى شيء من الميت غير مقبولة إلا ببينة وأن القول قول الورثة إن الميت لم يبع ذلك منهما مع أيمانهم* قوله تعالى (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها) يعنى والله أعلم أقرب أن لا يكتموا ولا يبدلوا أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم يعنى إذا حلفا ما غيرا ولا كتما ثم عثر على شيء من مال الميت عندهما أن تجعل أيمان الورثة أولى من أيمانهم بديا أنهما ما غيرا ولا كتما على ما روى عن ابن عباس في قصة تميم الداري وعدى بن بداء* وقوله تعالى (تحبسونهما من بعد الصلاة) فإنه روى عن ابن سيرين وقتادة فاستحلفا بعد العصر وإنما استحلفا بعد العصر تغليظا لليمين في الوقت المعظم كما قال تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) قيل صلاة العصر وقد روى عن أبى موسى أنه استحلف بعد العصر في هذه القصة* وقد روى تغليظ اليمين بالاستحلاف في البقعة المعظمة وروى جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال من حلف عند هذا المنبر على يمين آثمة فليتبوأ مقعده من النار ولو على سواك أخضر فأخبر أن اليمين الفاجرة عند المنبر أعظم مأثما وكذلك سائر المواضع الموسومة للعبادات ولتعظيم الله تعالى وذكره فيها تكون المعاصي فيها أعظم إثما ألا ترى أن شرب الخمر والزنا في المسجد الحرام وفي الكعبة أعظم مأثما منه في غيره وليست اليمين عند المنبر وفي المسجد في الدعاوى بواجبة وإنما ذلك على وجه الترهيب وتخويف العقاب* وحكى عن الشافعى أنه يستحلف بالمدينة عند المنبر واحتج له بعض أصحابه بحديث جابر الذي ذكرنا وبحديث وائل بن حجر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال للحضرمى لك يمينه قال إنه رجل فاجر لا يبالى قال ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلف فلما أدبر ليحلف قال من حلف على مال ليأكله ظلما لقى الله وهو عنه معرض وبحديث أشعث بن قيس وفيه فانطلق ليحلف