وروى شعبة عن يونس عن عبيد عن الحسن عن على أنه قضى باللقيط أنه حر وقرأ (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) وروى الزهري عن سنين أبى جميلة قال وجدت منبوذا على عهد عمر فقال عمر عسى الغويرا بؤسا فقيل إنه لا يتهم فقال هو حر ولك ولاؤه وعلينا رضاعه فمعنى قوله عسى الغويرا بؤسا الغوير تصغير غار وهو مثل معناه عسى أن يكون جاء البأس من قبل الغار فاتهم عمر الرجل وقال عسى أن يكون الأمر جاء من قبلك في هذا الصبى اللقيط بأن يكون من مائك فلما شهدوا له بالستر أمره بإمساكه وقال ولاؤه لك وجائز أن يريد بالولاء هاهنا إمساكه والولاية عليه وإثبات هذا الحق له كما لو كان عبدا له فأعتقه لأنه تبرع بأخذه وإحيائه والإحسان إليه وقد أخبر عمر أنه حر فلا يخلو من أن يكون ذلك على وجه الإخبار بأنه حر الأصل ولا رق عليه أو إيقاع حرية عليه من قبله ومعلوم أن عمر لم يملكه ولم يكن عبدا له فيعتقه فعلمنا أنه أراد الإخبار بأنه حر لا يجرى عليه رق وإذا كان حر الأصل لم يجز أن يثبت ولاؤه لإنسان فعلمنا أنه أراد بقوله لك ولاؤه أى لك ولايته في الإمساك والحفظ وما روى عن عمر وعائشة أنهما قالا في أولاد الزنا اعتقوهم وأحسنوا إليهم فإنما معناه احكموا بأنهم أحرار وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يجزى ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه وذلك إخبار منه بوقوع العتاق بالملك لا يحتاج إلى استئنافه وقد روى المغيرة عن إبراهيم في اللقيط يجده الرجل قال إن نوى أن يسترقه كان رقيقا وإن نوى الحسبة عليه كان عتيقا وهذا لا معنى له لأنه إن كان حرا لم يصر رقيقا بنية الملتقط وإن كان عبدا لم يصر عتيقا بنيته أيضا وأيضا إن الأصل في الناس الحرية وهو الظاهر ألا ترى أن من وجدناه يتصرف في دار الإسلام أنا نحكم بحريته ولا نجعله عبدا إلا ببينة تشهد بذلك أو بإقراره وأيضا فإن اللقيط لا يخلو من أن يكون ولد حرة أو أمة فإن كان ولد حرة فهو حر وغير جائز استرقاقه وإن كان ولد أمة فهو عبد لغير الملتقط فلا يجوز لنا أن نتملكه ففي الوجوه كلها لا يجوز أن يكون اللقيط عبدا للملتقط وأيضا فإن الرق طارئ والأصل الحرية كشيء علمناه ملكا لإنسان وادعى غيره زواله إليه فلا تصدقه لأنه يدعى معنى طارئا كذلك حكم الملتقط فيما يثبت له من رق اللقيط وأيضا لما كان لقطة المال لا توجب للملتقط ملكا فيها مع العلم بأنه ملك في الأصل كان التقاط اللقيط الذي لا يعلم رقه أحرى أن