لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة وإنما ثبت ذلك من جهة الشرع فصارت السرقة في الشرع اسما شرعيا لا يصح الاحتجاج بعمومه إلا فيما قامت دلالته* واختلف في مقدار ما يقطع فيه السارق فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد والثوري لا قطع إلا في عشرة دراهم فصاعدا أو قيمتها من غيرها وروى عن أبى يوسف ومحمد أنه لا قطع حتى تكون قيمة السرقة عشرة دراهم مضروبة وروى الحسن بن زياد عن أبى حنيفة أنه إذا سرق ما يساوى عشرة دراهم مما يجوز بين الناس قطع وقال مالك والأوزاعى والليث والشافعى لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا وقال الشافعى فلو غلت الدراهم حتى يكون الدرهمان بدينار قطع إلا في ربع دينار وإن كان ذلك نصف درهم وإن رخصت الدنانير حتى يكون الدينار بمائة درهم قطع في ربع دينار وذلك خمسة وعشرون درهما وروى عن الحسن البصري أنه قال لا يقطع في درهم واحد وهو قول شاذ قد اتفق الفقهاء على خلافه وقال أنس بن مالك وعروة والزهري وسليمان بن يسار لا يقطع إلا في خمسة دراهم وروى نحوه عن عمر وعلى أنهما قالا لا يقطع إلا في خمسة وقال ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأيمن الحبشي وأبو جعفر وعطاء وإبراهيم لا قطع إلا في عشرة دراهم قال ابن عمر يقطع في ثلاثة دارهم وروى عن عائشة القطع في ربع دينار وروى عن أبى سعيد الخدري وأبى هريرة قالا لا تقطع اليد إلا في أربعة دراهم* والأصل في ذلك أنه لما ثبت باتفاق الفقهاء من السلف ومن بعدهم أن القطع لا يجب إلا في مقدار متى قصر عنه لم يجب وكان طريق إثبات هذا الضرب من المقادير التوقيف أو الاتفاق ولم يثبت التوقيف فيما دون العشرة وثبت الاتفاق في العشرة أثبتناها ولم نثبت ما دونها لعدم التوقيف والاتفاق فيه ولا يصح الاحتجاج بعموم قوله (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) لما بينا أنه مجمل بما اقترن إليه من توقيف الرسول صلّى الله عليه وسلّم على اعتبار ثمن المجن ومن اتفاق السلف على ذلك أيضا فسقط الاحتجاج بعمومه ووجب الوقوف عند الاتفاق في القطع في العشرة ونفيه عما دونها لما وصفنا وقد رويت أخبار توجب اعتبار العشرة في إيجاب القطع منها ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبى قال حدثنا نصر بن ثابت عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا قطع فيما دون عشرة دراهم وقد سمعنا أيضا في سنن ابن قانع