والصّحيح أنّ حبّ فعل ماض و (الفاعل) له (ذا) وقيل جملته (١) اسم مبتدأ خبره ما بعده ، لأنّه لمّا ركّب مع ذا غلب جانب الإسميّة (٢) فجعل الكلّ اسما ، وقيل المجموع فعل فاعله ما بعده تغليبا لجانب الفعل لما تقدّم. (٣) (وإن ترد ذمّا فقل لا حبّذا) كما قال الشّاعر :
ألا حبّذا أهل الملاغير أنّه |
|
إذا ذكرت مي فلا حبّذا هيا (٤) |
وأول ذا المخصوص أيّا كان لا |
|
تعدل بذا فهو يضاهي المثلا |
(وأول ذا) المتّصلة بحبّ (المخصوص) (٥) بالمدح أو الذّم (أيّا كان) (٦) مفردا أو مثنّي أو مجموعا ، مذكّرا كان أو مؤنّثا.
و (لا تعدل بذا) بأن تغيّر صيغتها بل ائت بها باقية على حالها نحو «حبّذا هند والزّيدان والهندان والزّيدون والهندات» (فهو (٧) يضاهي المثلا) الجاري في كلامهم من قولهم «في الصّيف ضيّعت اللّبن» (٨) بكسر التّاء للجميع ، (٩) وهذا علّة لعدم تغيّره.
__________________
(١) أي : المجموع المركّب من حبّ وذا.
(٢) أي : اسمية (ذا) على فعليّة (حبّ) لشرف الاسم على الفعل.
(٣) ما مصدريّة أي : لتقدم الفعل في هذا التركيب على الاسم لفظا فغلب جانب الفعلية لذلك فأن حبّ مقدّم على ذا.
(٤) الشاهد في حبذا الثانية التي دخلت عليها (لا) فأريد منها الذمّ وفاعلها ذا ومخصوصها هي لا الأولي فأنها للمدح والداخل عليها (إلا) العرضية.
(٥) مفعول ثان لأول أي : اجعل المخصوص بعد ذا.
(٦) أي : المخصوص.
(٧) أي : حبّذا يشابه المثل في عدم تغيّره عما هو عليه والمثل بفتح الثاء قول مركّب مشهور شبّه مضرّبه بمورده.
(٨) في الأصل خطاب لأمرأة كانت تحت رجل غني فكرهته لكبر سنّه فطلّقها فتروّجها رجل شابّ فقير وكان الطلاق في فصل الصيف فبعثت في الشتاء إلى زوجها الأول تطلب منه لبنا فقال لها في الصيف ...
(٩) أي : سواء كان المخاطب الآن رجلا أم امرأة مفردا أم مثني أو جمعا.