يعوده في مرضه ومروان معه ، فرآه ثقيلاً ، فقال : أما والله لو لا ما أرى منك ما كنت أتكلّم بما أُريد أن أتكلّم به ، والله ما أدري أيّ يوميك أحبّ إليّ أو أبغض ، أيوم حياتك؟ أو يوم موتك؟ أما والله لئن بقيت لا أعدم شامتاً يعدّك كهفاً ، ويتّخذك عضداً ، ولئن متّ لأفجعنّ بك ، فحظّي منك حظّ الوالد المشفق من الولد العاقّ ، إن عاش عقّه ، وإن مات فجعه ، فليتك جعلت لنا من أمرك لنا علماً نقف عليه ونعرفه ، إمّا صديق مسالم ، وإمّا عدوّ معاني ، ولا تجعلني كالمختنق بين السماء والأرض ، لا يرقى بيد ولا يهبط برجل ، أما والله لئن قتلتك لا أصيب منك خَلَفاً ، ولئن قتلتني لا تصيب مني خَلَفاً ، وما أُحبّ أن أبقى بعدك. قال مروان : إي والله ، وأخرى أنّه لا ينال ما وراء ظهورنا حتى تكسرَ رماحنا ، وتقطعَ سيوفنا ، فما خير العيش بعد هذا؟ فضرب عثمان في صدره وقال : ما يدخلك في كلامنا؟ فقال عليّ : «إنّي والله في شغل عن جوابكما ولكنّي أقول كما قال أبو يوسف (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١).
العقد الفريد (٢ / ٢٧٤) ، الإمامة والسياسة (١ / ٣٠) (٢).
٨ ـ في كتاب لمولانا أمير المؤمنين يجيب به معاوية بن أبي سفيان قال : «وذكرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي إيّاهم والبغي عليهم ، فأمّا البغي فمعاذ الله أن يكون ، وأمّا الكراهة لهم فو الله ما أعتذر للناس من ذلك ، وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه ، فقد عمل عثمان بما قد علمت ، وعمل به الناس ما قد بلغك ، فقد علمت أنّي كنت من أمره في عزلة إلاّ أن تجنّى فتجنَّ ما شئت ، وأمّا ذكرك قتلة عثمان وما سألت من دفعهم إليك ؛ فإنّي نظرت في هذا الأمر وضربت أنفه وعينه فلم يسعني دفعهم إليك ولا إلى غيرك ، وإن لم تنزع عن غيّك لنعرفنّك (٣) عمّا قليل يطلبونك
__________________
(١) يوسف : ١٨.
(٢) العقد الفريد : ٤ / ١٢٠ ، الإمامة والسياسة : ١ / ٣٦.
(٣) في العقد الفريد : لتعرفنّهم.