بلغني عنك؟ قال : ذكرت الذي فعلته بي ، إنّك أمرت بي فوُطئ جوفي فلم أعقل صلاة الظهر ولا العصر ومنعتني عطائي. قال : فإنّي أقيدك من نفسي فافعل بي مثل الذي فُعل بك. قال : ما كنت بالذي أفتح القصاص على الخلفاء. قال : فهذا عطاؤك فخذه ، قال : منعتنيه وأنا محتاج إليه ، وتعطينيه وأنا غنيّ عنه ، لا حاجة لي به ، فانصرف. فأقام ابن مسعود مغاضباً لعثمان حتى توفّي. تاريخ اليعقوبي (١) (٢ / ١٤٧).
وأخرج محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي : إنّ عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطاً في دفنه أبا ذر. شرح ابن أبي الحديد (٢) (١ / ٢٣٧).
وفي تاريخ الخميس (٢ / ٢٦٨) : حبس ـ عثمان ـ عن عبد الله بن مسعود وأبي ذر عطاءهما ، وأخرج أبا ذر إلى الربذة وكان بها إلى أن مات. وأوصى ـ عبد الله ـ إلى الزبير وأوصاه أن يصلّي عليه ولا يستأذن عثمان لئلاّ يصلّي عليه ، فلمّا دفن وصل عثمان ورثته بعطاء أبيهم خمس سنين. وأجاب بأنّ عثمان كان مجتهداً ولم يكن من قصده حرمانه ، إمّا التأخير إلى غاية أدباً ، وإمّا مع حصول تلك الغاية أو دونها وصل به ورثته ولعلّه كان أنفع له.
وفي السيرة الحلبية (٣) (٢ / ٨٧) : من جملة ما انتقم به على عثمان أنّه حبس عبد الله بن مسعود وهجره ، وحبس عطاء أُبيّ بن كعب ، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لمّا شكاه معاوية ، وضرب عمّار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطاً ونفاه إلى بعض الجبال ، وقال لعبد الرحمن بن عوف : إنّك منافق ... إلخ.
قال الأميني : لعلّك لا تستكنه هذه الجرأة ولا تبلغ مداها حتى تعلم أنّ ابن مسعود من هو ، فهنالك تؤمن بأنّ ما فعل به حوب كبير لا يبرّر فعل مرتكبه أيّ
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧٠.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٣ / ٤٤ خطبة ٤٣.
(٣) السيرة الحلبية : ٢ / ٧٨.