من سادات عبد القيس وزهّادها ونسّاكها. وأثنى عليه مولانا أمير المؤمنين بقوله كما في الكامل (١) (٣ / ٩٦):
دعا حكيم دعوةً سميعه |
|
نال بها المنزلة الرفيعه |
يالهف ما نفسي على ربيعه |
|
ربيعة السامعة المطيعه |
قد سبقتني فيهم الوقيعه
وإنّ ما جرى في غضون تلكم المعامع ، وتضاعيف ذلك الحوار من أخذ وردّ وهتاف وقول ، كلّها تنمّ عن صلاح القوم وتقواهم ، وأنّهم لم يغضبوا إلاّ لله ، ولا دعوا إلاّ إلى أمره ، ولا نهضوا إلاّ لإقامة الأمت والعوج ، وتقويم دين الله وتنزيهه عن المعرّات والأحداث ، ولم يجلبهم إلى ذلك الموقف مطمع في إمارة ، أو نزوع إلى حكم أو هوى في مال ، ولذلك كان يرضيهم كلّ ما يبديه الخليفة من النزول على رغباتهم ، والنزوع عن أحداثه ، والإنابة إلى الله ممّا نقموا به عليه ، غير أنّه كان يثيرهم في الآونة بعد الأخرى ما كانوا يشاهدونه من المقام على الهنات ، ونقض العهد مرّة بعد مرّة حتى إذا اطمأنّوا إلى أنّ الرجل غير منكفئ عمّا كان يقترفه ، ولا مطمئنّ عمّا كان يفعله ، فاطمأنّوا إلى بقاء التكليف عليهم بالوثوب ، فوقفوا لإزالة ما رأوه منكراً ذلك الموقف الشديد حتى قضى من الأمر ما كان مقدوراً.
ولو كان للقوم غاية غير ما وصفناه لما أثنى مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام على المصريّين منهم بقوله من كتاب كتبه إلى أهل مصر : «إلى القوم الذين غضبوا لله حين عُصي في أرضه ، وذُهب بحقّه» ، إلى آخر ما مرّ في صفحة (٧٤). ولما كانوا مذكورين في المعاجم والكتب بالثناء الجميل عليهم بعد تلكم المواقف المشهودة ، ولو صدر عن أيّ أحد أقلّ ممّا صدر من أولئك الثائرين على عثمان في حقّ فرد من أفراد المسلمين
__________________
(١) الكامل في التاريخ : ٢ / ٣٢٦ حوادث سنة ٣٦ ه.