فضلاً عن الخليفة لعُدّ جنايةً لا تغفر ، وذنباً لا يبرّر ، وسقط صاحبه إلى هوّة الضعة ، ولا تبقى له بعد حرمة ولا كرامة ، غير أنّ ....
الثاني من مواقع النظر في الأحاديث المذكورة : أنّ الخليفة كانت عنده جرائم يستنكرها المسلمون وينكرونها عليه وهو يعترف بها فيتوب عنها ، ثمّ يروغ عن التوبة فيعود إليها ، ولا أدري أنّه في أيّ الحالين أصدق؟ أحين اعترف بالأحداث فتاب؟ أم حين عبث به مروان فرقى المنبر وقال : إنّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلمّا تيقّنوا أنّه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم؟
الثالث : أنّه أعطى العهود والمواثيق المؤكّدة على النزوع عمّا كان يرتكبه ممّا ينقمونه عليه وسجّل ذلك في صكوك يبثّها في البلاد بأيدي الناهضين عليه ، إذ كان على علم بأنّ البلاد قد تمخّضت عليه كما مرّ في كلام لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ثمّ لم يلبث حتى نكثها بعد ما ضمن له العمل على ذلك مثل مولانا أمير المؤمنين ومحمد ابن مسلمة ذلك الصحابيّ العظيم ، وقد شهدت ذلك الضمان أُمّة كبيرة من الصحابة ، فكأنّه ما كان يرى للعهد لزوماً ، ولا للضمان حرمة ، ولا للضامنين مكانة ، ولا لنكث العهد معرّة ، ولعلّه كان يجد مبرّراً لتلكم الفجائع أو الفضائح ، وعلى أيّ فالمسلمون ـ ويقدمهم الصحابة العدول ـ لم يرُقهم ذلك المبرّر ولا اعترفوا به ، فمضوا إلى ما فعلوه قدماً غير مُتحوّبين ولا متأثّمين.
الرابع : أنّ التزامه في كتاب عهده في الحصار الأوّل بالعمل بالكتاب والسنّة وهو في حيّز النزوع عمّا كان يرتكبه قبل ذلك ، وقد أعتب بذلك المتجمهرين عليه المنكرين على أحداثه المنحازة عنهما ، يرشدنا إلى أنّه كان في أعماله قبل ذلك الالتزام حائداً عن الكتاب والسنّة ، وحسب أيّ إنسان من الضعة أن تكون أعماله منتئية عنهما.
الخامس : إنّ الطريد ابن الطريد ، أو قل عن لسان النبيّ الأمين (١) : «الوزغ ابن
__________________
(١) راجع ما مرّ في الجزء الثامن : ص ٢٦٠. (المؤلف)