وذكره مختصراً ابن عبد ربّه في العقد الفريد (١) (٣ / ٢٧٢) نقلاً عن أبي بكر بن أبي شيبة من طريق الأعمش ، قال : كتب أصحاب عثمان عيبه وما ينقم الناس عليه في صحيفة ، فقالوا : من يذهب بها إليه؟ قال عمّار : أنا. فذهب بها إليه ، فلمّا قرأها قال : أرغم الله أنفك ، قال : وبأنف أبي بكر وعمر ، قال : فقام إليه فوطئه حتى غشي عليه. ثمّ ندم عثمان ، وبعث إليه طلحة والزبير يقولان له : اختر إحدى ثلاث : إمّا أن تعفو ، وإمّا أن تأخذ الأرش ، وإمّا أن تقتصّ ، فقال : والله لا قبلت واحدةً منها حتى ألقى الله.
٣ ـ قال البلاذري في الانساب (٢) (٥ / ٥٤) : وقد روي أيضاً : أنّه لمّا بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال : ;. فقال عمّار بن ياسر : نعم ف; من كلِّ أنفسنا. فقال عثمان : يا عاضّ أير أبيه أتراني ندمت على تسييره؟ وأمر فدفع في قفاه وقال : الحق بمكانه ، فلمّا تهيّأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى عليّ فسألوه أن يكلّم عثمان فيه ، فقال له عليّ : «يا عثمان اتّق الله ، فإنّك سيّرت رجلاً (٣) صالحاً من المسلمين فهلك في تسييرك ، ثمّ أنت الآن تريد أن تنفي نظيره» وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان : أنت أحقّ بالنفي منه. فقال عليّ : «رُم ذلك إن شئت» واجتمع المهاجرون فقالوا : إن كنت كلّما كلّمك رجل سيّرته ونفيته فإنّ هذا شيء لا يسوغ. فكفّ عن عمّار.
وفي لفظ اليعقوبي : لمّا بلغ عثمان وفاة أبي ذر قال : رحم الله أبا ذر. قال عمّار : نعم رحم الله أبا ذر من كلّ أنفسنا. فغلظ ذلك على عثمان ، وبلغ عثمان عن عمّار كلام ، فأراد أن يسيّره أيضاً ، فاجتمعت بنو مخزوم إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وسألوه إعانتهم ، فقال عليّ : لا ندع عثمان ورأيه. فجلس عمّار في بيته ، وبلغ عثمان ما تكلّمت
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ١١٩.
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٩.
(٣) يعني سيّدنا أبا ذر الغفاري. (المؤلف)