العثماني الشامي المناوئ لأهل بيت الوحي ، وأمثال هذه من كتب السلف والخلف ممّا لا يعرّج عليه؟ وفيه الخلط والخبط ، وضوضاء الدجّالين ، ولغط المستأجرين.
ومن أعجب ما رأيت قوله في (ص ٤١) من الكتاب تحت عنوان : الكذب على رسول الله : وفي هذه المرحلة من تاريخ الإسلام بُدئت أكاذيب الفرق والأحزاب فيما يكيد به بعضها لبعض ، حتى أخذت تلك الأكاذيب صورة الحجاج بأحاديث يتقوّلها زعماء الفرق ورؤساء الأحزاب على سيّدنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد كثر من هذه الأكاذيب ما زعموه كان في حقّ الأئمّة والخلفاء ، وقالت كلّ شيعة فيمن شايعته وفي منافسيه عندها ما شاء لها الهوى ، وتجاذب هذا النوع طرفي الإفراط والتفريط مدحاً وذمّا ، واختلاقاً وتقوّلا ، حتى غشّى سير هؤلاء الأجلاّء بغشاء من الغموض حجب الحقائق عن كثير من الناظرين.
وليس بأقلّ خطراً من ذلك ما اقترفوه في جنب القرآن الكريم من تأويلات محرّفة لآيات الله تعالى عن مواضعها ، ومن هنا وهناك تألّفت سلسلة الموضوعات والخرافات والأساطير التي ابتلي بها المسلمون ، وانتشرت بينهم التلبيسات الملتوية والشُّبَه الغامضة ، فشوّهت جمال الشريعة المطهّرة ، وحُشي بها كثير من كتب المؤلّفين المتقدّمين والمتأخرين ، حتى أصبحت وبالاً على الدين ، وشرّا على المسلمين ، وحائلاً دون نهضتهم وتقدّمهم ، وسلاحاً في أيدي خصوم الإسلام ، وعائقاً عن الوصول إلى كثير من الحقائق التاريخيّة والعلميّة والدينيّة ، ولولا توفيق الله تعالى رحمةً بهذه الأمّة ، ورعاية لهذا الدين الكريم ، لطائفة من أئمّة المسلمين المصطفين الأخيار ، انتهضوا لنقد الأسانيد وتنقيح الروايات ، وبهرجة الزائف منها ، وحظر الرواية عن كلّ صاحب بدعة في الإسلام ، لما بقيت للإسلام صورته النيّرة التي جاء بها القرآن الحكيم ، وأدّاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أصحابه نقيّة صافية. انتهى.
هذه نفثات الأستاذ الصادق ، وهذه حسراته وزفراته المتصاعدة وراء ضياع التاريخ الإسلامي ، وراء طمس الحقائق تحت أطباق الظلمات ، وراء تشويه الأساطير