والمخاريق والأباطيل جمال الشريعة المطهّرة ، ولعمر الحقّ لقد أحسن وأجاد ، والرائد لا يكذب ، غير أنّ المسكين هو من أُسراء تلكم السلاسل المتسلسلة من الموضوعات والخرافات التي أُبتلي بها المسلمون ، وعاقته الأغشية المدلهمّة عن الوصول إلى الحقائق التاريخيّة والعلميّة والدينيّة ، وثبّطته التلبيسات الملتوية عن نيل الصحيح الناصع من التاريخ والحديث ، فما أصاب من الحقّ نيلاً ، وما أسعفته فكرته هذه على الطامّات ولا قدر شعرة ، وما أوضحت له سبل النجاح ، وما هدته إلى المهيع اللائح ، فليته ثمّ ليته كان يأخذ بأقوال أُولئك الأئمّة المصطفين الأخيار في نقد الأسانيد في الجرح والتعديل ، وكان يعمل بها ويتّخذها دستوراً لنفسه ، مقياساً فيما سطره من الأكاذيب والأفائك ، وليته كان يرحم هذه الأُمّة ، ويرعى هذا الدين الكريم مثلما هم رحموا ورعوا ، وما زرّف (١) في تأليفه ، وما أعاد لأساطير الأوّلين الخلقة جدّتها بعد ألف وثلاثمائة عامٍ من عمرها.
وهل هو بعد ما وقف على هذا الجزء ووجد كتابه مؤلّفاً من سلسلة بلايا وحلقة أباطيل زيّفها أُولئك الأئمّة الذين هو اصطفاهم واختارهم وأثنى عليهم يقرع سنّ الندم ويتّبع سنن الحقّ اللاحب؟ أو أنّه يلج فيما سوّد به صحائف كتابه أو صحيفة تاريخه ويتمادى في عيّه وليّه؟ وما التوفيق إلاّ بالله.
كتاب : إنصاف عثمان
تأليف الأستاذ محمد أحمد جاد المولى بك :
هذا الكتاب أخدع من السراب ، صفر من شواهد الإنصاف ، شرجه الأستاذ من سلسلة أخبار مدسوسة وروايات مختلقة ، وإن درس هو بزعمه تاريخ عثمان دراسة الحذر منها فقال في ديباجته (ص ٤) : درسنا تاريخ عثمان وعصره والثورة عليه دراسة الحذر من الأخبار المدسوسة ، اليقظ لمواطن العبرة ، المرجع كلّ حدث إلى
__________________
(١) يقال : زرّف في الحديث إذا زاد فيه.