قال النووي في شرح مسلم هامش إرشاد الساري (١) (٨ / ٤٧٩) : هذا النهي للتحريم ، فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غيرها فهو أحقّ به ، ويحرم على غيره إقامته منه لهذا الحديث.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري (٢) (٢ / ١٦٩) : ظاهر النهي التحريم ، فلا يُصرف عنه إلاّ بدليل ، فلا يجوز أن يقيم أحداً من مكانه ويجلس فيه ، لأنّ من سبق إلى مباح فهو أحقّ به ، ولأحمد (٣) حديث : إنّ الذي يتخطّى رقاب الناس أو يفرّق بين اثنين بعد خروج الإمام كالجارّ قُصبه (٤) في النار ، والتفرقة صادقة بأن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بينهما.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٥) (٣ / ٣٠٦) : من سبق إلى موضع مباح سواء كان مسجداً أو غيره في يوم الجمعة أو غيرها لصلاة أو لغيرها من الطاعات فهو أحقّ به ، ويحرم على غيره إقامته منه والقعود فيه.
فإقامة عثمان عبد الرحمن من مكانه الذي كان هو أحقّ به وغمزه إيّاه مرّة بعد أخرى محظور محرّم شاذّ عن السنّة الثابتة.
ثمّ هل تسع الليلة لقراءة القرآن ختمة واحدة؟ ولعلّها تسع بالتمحّل من كون الليلة من ليالي الشتاء الطويلة ، ومن قدوم عثمان الحجر بعد فريضة العشاء بلا فصل ، وأنّه كان طلق اللسان خفيفه ، وإن كنّا لا نعلم شيئاً من ذلك.
أليس عثمان هذا هو الذي صعد المنبر وأُرتج عليه وقام مليّا لا يتكلّم فقال : إنّ
__________________
(١) شرح صحيح مسلم : ١٤ / ١٦٠.
(٢) إرشاد الساري : ٢ / ٦٥٩ ح ١١١.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده : ٣ / ٤١٧ [٤ / ٤٢٨ ح ١٥٠٢١]. (المؤلف)
(٤) القُصب ـ بضم القاف ـ : الظهر. المعي ، جمعه أقصاب. (المؤلف)
(٥) نيل الأوطار : ٣ / ٢٨٣.