من طريق ابن عباس : «من استعمل رجلاً من عصابةٍ وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين» ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحيحة (١) أخرى من طريق أبي بكر : «من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأمّر عليهم أحداً محاباةً فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم».
إزالة الخفاء (١ / ١٦).
أكان من العدل وعلى الصراط المستقيم إزراؤه بصلحاء الأُمّة وعظماء الصحابة وإيذاؤهم بغير ما اكتسبوا وقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا ، وهم بين مُسيّر هالك في تسييره ، ومعذّب في قعر السجون وظُلَمِ المطامير ، ومشتوم مهان يُنادى عليه بذلّ الاستخفاف ، ومضروب قد دُقّت بالضرب أضلاعه ، وآخر أُعذر متنه وفُتق بطنه ، ومحروم عن مال الله لأمره بالمعروف وإنكاره المنكر؟ أم سبّه الصحابة ـ العدول ـ وتكفيره إيّاهم بكتابه وخطابه؟ أم مجابهته صنو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونفسه بتلكم القوارص؟ أم عدّه مروان الوزغ الطريد اللعين أفضل من سيّد العترة؟ أم رأيه فيه سلام الله عليه بأنّه أولى الناس بالنفي من جوار النبيّ الأقدس؟ أم إبعاده إيّاه عن المدينة مرّة بعد أخرى؟ أم نقضه العهود والمواثيق المؤكّدة؟ أم نبذه كتاب الله وراء ظهره ، وشذوذه عن السنّة الشريفة في صَلاتهِ وصِلاته وحجّه وزكاته وإدخال آرائه الشاذّة في جميع ذلك؟ أم .. أم .. إلى ما شاء الله.
هلاّ عرفت الصحابة عدل هذا الإنسان وكونه على الصراط المستقيم يوم حسبوه جائراً في الحكم ، حائداً عن العدل ، متنكّباً عن الصراط ، باغياً ساعياً في الأرض فساداً ولم يبرحوا ناقمين مؤلّبين عليه إلباً واحداً حتى تمخّضت عليه البلاد ، وأسعرت وراءه ناراً ، ولم تنطفئ إلاّ باختلاسه وإخماد أنفاسه؟ أو أنّهم عرفوا ذلك غير أنّ الضغائن حدتهم إلى ما ارتكبوا منه؟ فأين إذن عدالة الصحابة؟
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٤ / ١٠٤ ح ٧٠٣٤.