ولك أن ترجع البصر كرّتين ، وتمعن النظر دواليك في صحيفة تاريخ عثمان ، في أيّ يوميه تجد منه ما يعاضد هذه الأُسطورة؟ ومتى كان يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم؟ أمّا أيّامه مع النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسبك منها ما ذكرناه في الجزء الثامن (ص ٢٣١ ـ ٢٨٠) ، وفي هذا الجزء (ص ٣٢٧). وأمّا أيّام خلافته فحدّث عنها ولا حرج وقد سجّل التاريخ له فيها هنات لا تغفر وعثراث لا تُقال. وقد وصف مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام تلكم الأيّام في كتابه إلى أهل مصر بقوله : «إلى القوم الذين غضبوا لله حين عُصي في أرضه ، وذُهب بحقّه ، فضرب الجور سرادقه على البرّ والفاجر ، والمقيم والظاعن ، فلا معروف يُستراح إليه ، ولا منكر يُتناهى عنه» راجع (ص ٧٤) من هذا الجزء.
ووصفها أبو أيّوب الأنصاري بقوله : عباد الله أليس إنّما عهدكم بالجور والعدوان أمس؟ وقد شمل العباد ، وشاع في الإسلام ، فذو حقّ محروم مشتوم عرضه ، ومضروب ظهره ، وملطوم وجهه ، وموطوء بطنه ، ومُلقىً بالعراء. إلى آخر ما مرّ في هذا الجزء (ص ١٢٥).
أكان من العدل وعلى الصراط المستقيم إيواؤه طريد رسول الله ولعينه؟ أم خضمه مع أبناء بيته مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع؟ أم أياديه عند أهل العيث والفساد وأُعطياته من مال المسلمين أبناء بيته الساقط من فاسق مستهتر إلى لعين طريد إلى شاب مُترف إلى أُغيلمة سفهاء ، وتسليطهم على ناموس الإسلام ورقاب المسلمين بتولّيهم الأمر في البلاد وبين يديه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من تولّى من أمر المسلمين شيئاً فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلم أنّ فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسُنّة رسوله فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين» (١)؟ وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحيحة الحاكم (٢)
__________________
(١) مجمع الزوائد : ٥ / ٢١١. (المؤلف)
(٢) المستدرك على الصحيحين : ٤ / ١٠٤ ح ٧٠٣٣.