آحاد المسلمين ، ونجعلها كلمة سواء بيننا وبين القوم ، ونتصافق على هذا فحسب. اللهمّ غفرانك وإليك المصير.
يا حبّذا بعد ما صدّق القوم ما عُزي إليه صلوات الله عليه من قول : ما أنا إلاّ رجل من المسلمين ، أو قوله لابنه : يا بنيّ أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، كانوا يعدّونه رجلاً منهم وأجروا عليه أحكام من آمن بالله وأسلم ، وكان له ما لهم وعليه ما عليهم. بل ليتهم كانوا اتّبعوا رأي عثمان فيه ويرون مروان بن الحكم اللعين ابن اللعين بلسان النبيّ الأقدس أفضل منه. وليتهم ساووا بينه وبين سفلة الأعراب ، والطبقة الواطئة الساقطة من الصحابة ، لكن : أنّى؟ ثمّ أنّى؟
قل لي بربّك أيّ مسلم شريف أو وضيع لعن غيره في ثمانية عشر ألف منبر ، ولم ينبس ابن أُنثى ببنت شفة في الدفاع عنه؟
قل لي بربّك أيّ مسلم سائد أو سوقة غير سيّد العترة سُنّ سبّه في الجمعة والجماعة في الحواضر الإسلاميّة جمعاء ، وتختم بلعنه أندية الوعظ والخطابة ، ومن نهى عن ذلك يُنفى عن عقر داره؟ قال الجنيد بن عبد الرحمن بن عمرو : أتيت من حوران إلى دمشق لآخذ عطائي ، فصلّيت الجمعة ثمّ خرجت من باب الدرج ، فإذا عليه شيخ يقال له : أبو شيبة القاصّ ، يقصّ على الناس ، فرغّب فرغبنا ، وخوّف فبكينا ، فلمّا انقضى حديثه قال : اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب ، فلعنوا أبا تراب عليهالسلام ، فالتفتّ إلى من على يميني ، فقلت له : فمن أبو تراب؟ فقال : عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله وزوج ابنته ، وأوّل الناس إسلاماً ، وأبو الحسن والحسين. إلى آخر ما في تاريخ ابن عساكر (١) (٣ / ٤٠٧) وفيه أنّ الجنيد استنكر الأمر ولطم وجه الرجل ، فشكى إلى هشام بن عبد الملك فنفى الجنيد إلى السند ، فلم يزل بها إلى أن مات.
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ١١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ رقم ١٠٨٥ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١١٧.