المظلومين وهو عليهالسلام لا يحمي إلاّ من هو كذلك ، وهو وليّ المؤمنين ، وأمير البررة ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وإمام المتّقين ، وسيّد المسلمين ، كلّ ذلك نصٌّ من الرسول الصادق الأمين. وليتني أدري ممّ كان يغتمّ عثمان من مكان أمير المؤمنين عليهالسلام بالمدينة؟ ووجوده رحمة ولطف من الله سبحانه وتعالى على الأُمّة جمعاء لا سيّما في البيئة التي تُقلّه ، يكسح عن أهلها الفساد ، ويكبح جماح المتغلّبين ، ويقف أمام نعرات المتهوّسين ، ويسير بالناس على المنهج اللاحب سيراً صحيحاً.
نعم ؛ يغتمّ به سماسرة النهمة والشره فيروقهم بعاده ليهملج كلّ منهم إلى غاياته قلق الوضين (١). وما كان هتاف الناس به يومئذ إلاّ لأن يقيم أود الجامعة ، ويعدّل الخطّة العوجاء ، ويقف بهم على المحجّة الواضحة ، غير أنّ ذلك الهتاف لا يروق من لا يروقه ذلك كلّه ، فالاغتمام به جناية على المجتمع الديني ، ووقوف أمام سير الصالح العام.
ولعمر الله إنّ هذه القوارص هي التي فتحت باب الجرأة على أمير المؤمنين بمصراعيه طيلة حياته ، وهتكت منه حجاب حرمته وكرامته ، وأطالت عليه ألسنة البذاءة والوقيعة فيه ، وعثمان هو الذي أزرى بالإمام في الملأ الديني ، وصغّره في أعين الناس وجرّأ عليه طغام الأمويّين وسفلة الأعراب ، فباذأه أبناء أُميّة وهم على آسال خليفتهم اتّخذوه أُسوة وقدوة في شتيمته وقذيعته وآذوا نبيّهم في أخيه علم الهدى. (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٢) ، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣) ، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ
__________________
(١) الوضين : بطان منسوج بعضه على بعض يُشدُّ به الرحل على البعير ، وقوله : قلق الوضين أي سريع الحركة يوصف بالخفّة وقلة الثبات ، كالحزام إذا كان رخواً.
(٢) الأحزاب : ٥٧.
(٣) التوبة : ٦١.