ربما كان قوم لوط قد استصعبوا قوانين الزواج على أنفسهم ، مما دفعهم إلى إشباع الغريزة بالشذوذ ، وربما كان لوط يدعوهم الى التخفيف من قيود الزواج مما قد يدل عليه قوله عليه السلام : (هؤلاء بناتي) وقولهم : (ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ).
[٨٠] وقطع لوط أمله منهم ، واستبد به اليأس من كل شيء ، وقال بكلمات تتفجر أسى.
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)
تمنى لو كانت لديه قوة قادرة على مواجهتهم ، أو كانت لديه عشيرة تمنعه منهم.
أليس الصبح بقريب :
[٨١] هكذا اشتدت الازمة وضاقت عليه المشكلة ، وعندها ترجى رحمة الله ، وهكذا أظهر الضيوف الذين حاول الجاهليون الاعتداء الخلقي عليهم ، أظهروا واقعهم وبيّنوا أنهم ملائكة الله.
(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ)
وجاءت الأوامر متلاحقة صارمة :
ألف : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ)
بعد أن يسدل الليل ستاره ويذهب ردح منه وتهجع العيون ، وتأوي النفوس الى مضاجعها.
باء : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ)
لا ينظر الى ما وراءه ليعرف كيف سيكون حال قومه ، بل يبقى منفصلا عنهم