قبل الملائكة بل ان كرامته من الله ، وبقدر طاعته لله لان طينته كانت من طين يابس متخذ من طين متعفن ، وقد نفرت منه بعض قوى الطبيعة لزعمها أنها أفضل منها.
[٣٤] ولأن التمرد على الله ، ومخالفة الحق شذوذ في برنامج الحياة وليس جزء مقدرا منه ، أو جانبا مقضيا ، فقد طرد ربنا إبليس من مقام الارادة والتوجيه ، وأبعده أيضا عن مقام الطبيعة المأمورة ، ورجمه باللعنة فهبط إبليس بذلك ثلاث درجات :
الاولى : حين قال له الله :
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها)
أي من مقام الملائكة حسبما يهدي اليه السياق ، وقالوا من الجنة أو من السماء أو من الأرض ، ولان مقام الملائكة هو مقام الأمر حيث أنهم ينفذون أوامر الله على الطبيعة فهم وسائط امره عز وجل فلذلك كان إخراج إبليس من ذلك المقام الذي هو السماء بالنسبة إلينا ، «السماء مصدر الأمر في القرآن» اللعنة الاولى.
الثانية : حيث اسقطه الرب عن مقام سائر ما في الطبيعة مما استسلمت لأوامر الله طوعا فأصبح رجيما وقال له الله :
(فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)
ونستوحي من الآية ـ مرة ثانية ـ ان العصيان شذوذ في الطبيعة لا قاعدة.
[٣٥] الثالثة : حين كتب عليه الرب اللعنة فأصبحت الطبيعة ضده وقال تعالى.
(وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ)