حكمتها ، والتسليم المطلق للأوامر التي لا يفهم البشر فلسفتها.
[٤٧] ان درجة تسليم الأنبياء عليهم السلام لله ولأوامره وأقداره تصل الى القمة ، بسبب تأديب ربنا لرسله الكرام ، ولذلك نجد نوحا عليه السلام يستعين بعصمة ربه لكي لا يسأل ربه ما ليس له به علم ، ولا يقترح عليه ما لا يعلم انه في صالحه وصالح رسالته وأمته.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ)
ان مغفرة الله ضرورة حياتية للبشر لتزيل آثار الذنوب والسقطات التي يتعرض لها الإنسان أبدا ... فمن دونها تتراكم هذه الآثار حتى ترسي على قلبه ، وتحجب عقله ، كما أن رحمة الله ضرورة اخرى لاستمرار بقاء الإنسان نظيفا ، ولكي لا يدعوه الضعف والعجز الى ارتكاب المعاصي ، وقد جاء في الدعاء : «اللهم أغننا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ...» ، فرحمة الله هي التي تعصم البشر من الذنوب ، لا فرق بين الرسل وغيرهم.
[٤٨] وهبط نوح بأمر الله يحمل معه هديتين الى الأرض السلام والبركة ، ويعني السلام المحافظة على النعمة القائمة والموجودة فعلا ، وبالتالي رفع الضرر الذي يهدد بزوال النعم ، بينما تعني البركة زيادة النعم والتقدم في حقول الحياة.
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ)
والسلام والبركة هما من الله بسبب رسالته. لذلك يسلبان عمن لا يعرف قيمة الرسالة فينحرف عنها ، لذلك خصص القرآن أمما دون أخرى للسلام والأمن قائلا :
(وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ)