الاجتماعي والثقافي ، والنظام السياسي والاقتصادى الذي يشرفون على تسييره ، فلو تزلزل الكيان وانهدم النظام فان كل الخيرات مهددة بالزوال هي الأخرى. لذلك ذكرهم رسولهم صالح (ع) بأن الخيرات إنما هي من الله الذي انشأهم ، وجعلهم قادرين على عمارة الأرض.
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها)
فالله هو الذي أودع في البشر الطموح وأعطاه القدرة ، وطوع له ما في الأرض ، وتلك هي شروط عمارة الأرض وبناء المدينة ، وليس النظام الفاسد سوى سارق لخيرات الناس ، وهاد لهم الى الهلكة. ولولا رفض الناس للنظام الفاسد ، وعودتهم الى الطريق المستقيم فان المدينة مهددة بالفناء.
(فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)
فمن أسماء الله الحسنى ، وكذلك من نعمه الكبرى هي انه سبحانه وتعالى فتح امام الناس باب الاستغفار والتوبة ، واعطى الناس القدرة على تصحيح مسيرتهم الضالة ، وتطهير آثار الماضي الفاسد ، كما أعطاهم الفرصة لفتح صفحة جديدة مع الله ، ومع سنن الله ، ولنا في هذه الآية وقفتان للتدبر :
الاولى : ان ما في عالم اليوم من مدنية مزدهرة ، ليست بسبب الأنظمة الجاهلية الحاكمة هنا وهناك ، فليست الرأسمالية المادية ، ولا الاشتراكية الجاهلية هما سبب تقدم امريكا وأوروبا واليابان من جهة ، وروسيا وأوربا الشرقية من جهة ثانية ، ولقد رأينا كيف ان بلدانا كثيرة في العالم الثالث ازدادت تخلفا لما قلدت الغرب في ماديتها الرأسمالية ، أو الشرق في جاهليتها الشيوعية أو الاشتراكيّة ، فمصر عبد الناصر لم يزدها تقليدها للشرق إلّا سوء ، وكذلك مصر فاروق وأنور السادات ، ما ازدادت بالرأسمالة إلّا سوء ، والسبب : أن التقدم لم يكن بسبب النظام