[٦٧] وإذا بالسكوت عن الظلم ، والرضا بالجريمة ، والاستسلام أمام الفساد يتحول كل ذلك الى صيحة مدمرة. هي صيحة الحق الذي سكتوا عنه ، وهي عقاب الجريمة التي رضوا بها ، وهي نهاية الفساد الذي استسلموا له.
(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ)
لقد كانت الصيحة في لحظة واحدة بحيث اسكتت حناجر الساكتين عن الظلم ، واهمدت حركة المغرورين بمكاسبهم ، وجعلتهم يسقطون على وجوههم (في حالة الجثوم) تلك الوجوه التي استكبرت عن قبول الحق.
[٦٨] اين تلك الديار التي تمتعوا بها وأقاموا دهرا فيها؟! اين الصخب والحركة ، واين العمارة والأثاث؟! لقد شمل التخريب الساحق كل زاوية من زوايا ديارهم ، وكأنها كانت خالية من السكان ...
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها)
اي لم يقيموا فيها.
(أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ)
لقد كفروا بعبادة الله وبرسالته ، وبرسول الله الذي بعث ليطاع باذنه ، ولكن كفرهم هذا كان ـ في الواقع ـ متوجها مباشرة الى ربهم جل جلاله ، وهذه هي الحقيقة الكبرى التي ينساها أو يتجاهلها البشر فيفصل بين الله ورسالاته ، ويريد ان يكفر بالرسالات كفرا عمليا ويحتفظ بإيمانه بالله ، وهذا هو التناقض البعيد والمستحيل.
ان ثمود بعدت عن رحمة الله ، وعن الذكر الحسن ، وعن ثواب الآخرة بسبب محاولتها الفصل بين الله ورسوله. فهل نكرر التجربة؟!