شيئا ، بل كانت تنفعهم ، ولم يعقر الناقة سوى أشقاهم وهو شخص واحد ، إلا ان رضا الجميع بفعله وسكوتهم عنه جعلهم شركاء في الجريمة ، ونسبت الخطيئة إليهم جميعا.
(فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)
ان السلطة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية الفاسدة هي التي بادرت بعقر الناقة في جو من الاستسلام الساذج ، وكانت تلك النتيجة الطبيعية للجمود والتقليد والاعتزاز بالمكاسب ، وهكذا كان شأن الديكتاتوريات عبر التاريخ ، انها تنوم الناس على انغام المكاسب الظاهرة فتسلب منهم قدرتهم على التفكير السليم بعدئذ تقوم باستغلالهم واستثمار طاقاتهم حسب ما تشاء ، وتوردهم المهالك من دون اي خوف من التمرد أو المقاومة.
[٦٦] وهكذا فعلت السلطات المستكبرة بقوم ثمود ، ولكن ثمود هي التي فعلت بنفسها هذه الجريمة حين سكتت في أول الأمر عن تلك السلطات. ان الرضا بالديكتاتورية هي الخطوة الأولى الى المجزرة ، لان الديكتاتورية تسلب أعز شيء عند الإنسان هو عقله وتفكيره ... فيكون ضررها أكبر من نفعها مهما كان نفعها كبيرا. لذلك جاء الأمر الالهي الحاسم.
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)
العزة هي مظهر القوة في الحقل الاجتماعي ، والله لا يدع قيم الحق قائمة في النفوس والعقول وبين اضلع الكتب والخطب ، بل يجسدها في ضمير الواقع فاذا بالظلم يتحول إلى ظلمات ، والجريمة الى عقاب ، والفساد الى خراب.